﴿كيدكن عَظِيم (٢٨) يُوسُف أعرض عَن هَذَا واستغفري لذنبك إِنَّك كنت من الخاطئين (٢٩) وَقَالَ نسْوَة فِي الْمَدِينَة امْرَأَة الْعَزِيز تراود فتاها عَن نَفسه قد شغفها حبا إِنَّا﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقَالَ نسْوَة فِي الْمَدِينَة امْرَأَة الْعَزِيز تراود فتاها عَن نَفسه﴾ الْمَدِينَة هَاهُنَا: مَدِينَة مصر، وَقيل: إِنَّهَا مَدِينَة عين شمس.
وَأما النسْوَة قَالُوا: هن خمس نسْوَة: امْرَأَة حَاجِب الْملك، وَامْرَأَة صَاحب الدَّوَابّ، وَامْرَأَة صَاحب الطَّعَام، وَامْرَأَة صَاحب الشَّرَاب، وَامْرَأَة صَاحب السجْن. وَقَالَ بَعضهم: هن نسْوَة من أَشْرَاف نسْوَة مصر.
وَقَوله: ﴿امْرَأَة الْعَزِيز﴾ قيل الْعَزِيز: هُوَ الْمُمْتَنع بقدرته عَن أَن يضام فِي أمره. وَقَوله: ﴿تراود فتاها عَن نَفسه﴾ فتاها هَاهُنَا بِمَعْنى: عَبدهَا، وَالْمعْنَى: أَنَّهَا تطلب من عَبدهَا [أَن] يرتكب الْفَاحِشَة. وَقَوله ﴿قد شغفها حبا﴾ رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهَا - أَنه قَالَ: " شغفها حبا " أَي: غلبها. وَرُوِيَ عَنهُ أَيْضا أَنه قَالَ: " شغفها حبا " أَي: دخل الْحبّ فِي شغَاف قَلبهَا، وشغاف الْقلب: دَاخل الْقلب. وَقيل: شغَاف الْقلب: جلدَة الْقلب؛ كَأَن الْحبّ خرق الْجلْدَة وَأصَاب الْقلب وَغلب عَلَيْهِ. وَقيل: شغَاف الْقلب: [سويداء] الْقلب. وَقيل: حَبَّة الْقلب. قَالَ الشَّاعِر:

(وَلَا [وجد] إِلَّا دون وجد وجدته أصَاب شغَاف الْقلب فالقلب مشغف)
قرئَ فِي الشاذ: (شعفها) حبا " وَمَعْنَاهُ: ذهب الْحبّ بهَا كل مَذْهَب، وَمِنْه: شعف الْجبَال أَي: رءوسها.
وَقَوله: ﴿إِنَّا لنراها فِي ضلال مُبين﴾ أَي: فِي خطأ ظَاهر. وَيُقَال: فِي ضلال مُبين يَعْنِي: أَنَّهَا تركت مَا يكون عَلَيْهِ أَمْثَالهَا من السّتْر والعفاف.


الصفحة التالية
Icon