﴿الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس والشجرة الملعونة فِي الْقُرْآن ونخوفهم فَمَا يزيدهم إِلَّا طغيانا كَبِيرا (٦٠) ﴾
وَقَوله: ﴿وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس﴾ الْأَكْثَرُونَ أَن هَذِه الرُّؤْيَا هِيَ لَيْلَة الْمِعْرَاج، قَالَه ابْن عَبَّاس، وَمُجاهد، وَقَتَادَة، وَالْحسن، وَسَعِيد بن جُبَير، وَالضَّحَّاك، وَغَيرهم.
فَإِن قَالَ قَائِل: لَيْلَة الْمِعْرَاج كَانَت رُؤْيَة عين لَا رُؤْيا نوم؟ وَالْجَوَاب: أَنه قد صَحَّ عَن عبد الله بن عَبَّاس أَنه قَالَ فِي هَذِه الْآيَة: هِيَ رُؤْيا عين، أسرى بِالنَّبِيِّ تِلْكَ اللَّيْلَة.
﴿والشجرة الملعونة﴾ هِيَ شَجَرَة الزقوم.
قَالَ الشَّيْخ الإِمَام الْأَجَل أَبُو المظفر مَنْصُور بن مُحَمَّد السَّمْعَانِيّ: أخبرنَا أَبُو عَليّ الشَّافِعِي بِمَكَّة قَالَ: أَنا أَبُو الْحسن بن فراس، قَالَ: أَنا أَبُو جَعْفَر الديبلي، قَالَ: أَنا سعيد بن عبد الرَّحْمَن المَخْزُومِي عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس، ذكره البُخَارِيّ فِي صَحِيحه.
وَأما ذكر الرُّؤْيَا بِمَعْنى الرُّؤْيَة هَاهُنَا يجوز؛ لِأَنَّهُمَا أخذا من معنى وَاحِد. وَمِنْهُم من قَالَ: كَانَ لَهُ معراجان: مِعْرَاج رُؤْيَة، ومعراج رُؤْيا.
وَأما معنى الْفِتْنَة على هَذَا القَوْل: أَن قوما من الَّذين آمنُوا ارْتَدُّوا حِين سمعُوا عَن النَّبِي هَذَا، وَفِي أصل الْآيَة قَول آخر: (وَهُوَ) أَن الرُّؤْيَا الْمَذْكُورَة فِي الْآيَة هِيَ " أَن النَّبِي رأى فِي النّوم أَنه قد دخل مَكَّة، فاستعجل، وَسَار إِلَى مَكَّة عَام الْحُدَيْبِيَة محرما بِالْعُمْرَةِ، وَذكر الصَّحَابَة أَنه رأى هَذِه الرُّؤْيَا، فَلَمَّا صد عَن مَكَّة حَتَّى احْتَاجَ إِلَى الرُّجُوع افْتتن بذلك قوم.


الصفحة التالية
Icon