وَفِي الْخَبَر الْمَشْهُور، أَن عمر قَالَ لأبي بكر: أَلَيْسَ قد رأى أَنه يدْخل مَكَّة؟ فَقَالَ لَهُ أَبُو بكر: هَل قَالَ: إِنَّه يدْخل الْعَام؟ قَالَ: لَا. قَالَ: سيدخلها.. الْخَبَر إِلَى آخِره.
وَالْقَوْل الثَّالِث فِي الْآيَة: مَا حَكَاهُ الدمياطي فِي تَفْسِيره عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " رأى النَّبِي فِي مَنَامه كَأَن أَوْلَاد الحكم بن أبي الْعَاصِ ينزون على منبره نزو القرود - وَفِي رِوَايَة (يتداولون منبره تداول الكرة) - فساءه ذَلِك، فَدَعَا أَبَا بكر وَعمر وأخبرهما بذلك، ثمَّ سمع أَن الحكم بن أبي الْعَاصِ يَحْكِي الرُّؤْيَا، فَلم يتهم أَبَا بكر، واتهم عمر فَدَعَاهُ، وَقَالَ لَهُ: لم أفشيت سري؟ فَقَالَ: وَالله مَا ذكرته لأحد؟ فَقَالَ رَسُول الله، كَيفَ وَالْحكم يَحْكِي هَذَا للنَّاس؟ ! فَقَالَ عمر: نَجْتَمِع ثَانِيًا حَتَّى أخْبرك من أفشاه. قَالَ: فجَاء هُوَ وَأَبُو بكر، وقعدا مَعَ الرَّسُول فِي ذَلِك الْموضع، وَجعلُوا يذكرُونَ هَذَا، ثمَّ إِن عمر خرج مبادرا، فَإِذا هُوَ بالحكم يستمع، فَذكر ذَلِك للنَّبِي، فطرده رَسُول الله من الْمَدِينَة، وَلم يأوه أَبُو بكر وَلَا عمر، وَمَا زَالَ طريدا إِلَى زمن عُثْمَان " الْقِصَّة إِلَى آخرهَا. هَذَا هُوَ الرُّؤْيَا الَّتِي ذكر فِي الْآيَة.
وَقد رُوِيَ " أَن النَّبِي مَا روى مستجمعا [ضَاحِكا] مُنْذُ رأى هَذِه الرُّؤْيَا إِلَى أَن مَاتَ.
وَأما الشَّجَرَة الملعونة فالأكثرون أَنَّهَا شَجَرَة الزقوم، فَإِن قيل: أَيْن لعنها فِي الْقُرْآن؟ وَالْجَوَاب: أَن المُرَاد من الشَّجَرَة الملعونة، أَي: الملعون آكلها. وَقَالَ الزّجاج: الْعَرَب تَقول لكل طَعَام كريه: طَعَام مَلْعُون. فعلى هَذَا تَقْدِير الْآيَة: {وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي