﴿وَإِذ قُلْنَا للْمَلَائكَة اسجوا لآدَم فسجدوا إِلَّا إِبْلِيس قَالَ أأسجد لمن خلقت طينا (٦١) ﴾ أريناك)، وَكَذَلِكَ مَا جعلنَا الشَّجَرَة الملعونة ﴿فِي الْقُرْآن﴾ إِلَّا فتْنَة للنَّاس.
وَأما الْفِتْنَة فِي شَجَرَة الزقوم من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن أَبَا جهل قَالَ: إِن النَّار تَأْكُل الشّجر، وَأَن مُحَمَّدًا يزْعم أَن النَّار تنْبت الشَّجَرَة. وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن عبد الله بن الزبعري قَالَ: يَا قوم، إِن مُحَمَّدًا يخوفنا بالزقوم، وَمَا نَعْرِف الزقوم إِلَّا الزّبد وَالتَّمْر، فَقَالَ أَبُو جهل: يَا جَارِيَة، هَلُمِّي فزقمينا.
وَالْقَوْل الثَّانِي: فِي شَجَرَة الزقوم أَنَّهَا شَجَرَة الكشوثا الَّتِي تلتوي على الشّجر فتجففه. وَالْقَوْل الثَّالِث: أَن الشَّجَرَة الملعونة فِي الْقُرْآن أَوْلَاد الحكم بن أبي الْعَاصِ، وَهُوَ مَرْوَان وَبَنوهُ.
ذكره سعيد بن الْمسيب، وَأنكر جمَاعَة من أهل التَّفْسِير هَذَا القَوْل، وَالله أعلم.
وَقَوله: ﴿ونخوفهم﴾ أَي: نحذرهم ﴿فَمَا يزيدهم﴾ أَي: مَا يزيدهم التخويف ﴿إِلَّا طغيانا كَبِيرا﴾ أَي: تمردا وعتوا عَظِيما.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذ قُلْنَا للْمَلَائكَة اسجدوا لآدَم﴾ قد ذكرنَا معنى السُّجُود فِي سُورَة الْبَقَرَة، وَاخْتِلَاف النَّاس فِيهِ. وَقَوله: ﴿فسجوا إِلَّا إِبْلِيس قَالَ أأسجد لمن خلقت طينا﴾ مَعْنَاهُ: لمن خلقته طينا. وَقَوله: ﴿طينا﴾ نصب على الْحَال أَي: فِي حَال طينته، وَفِي الْآيَة حذف، وَمَعْنَاهُ: أأسجد لمن خلقته من طين، وخلقتني من نَار، وللنار فضل على الطين، فَإِن النَّار تَأْكُل الطين. وَلم يعلم الْخَبيث أَن الْجَوَاهِر كلهَا من جنس وَاحِد؛ وَالْفضل لما فَضله الله تَعَالَى. وَفِي الطين من الْمَنَافِع مَا يقادم مَنَافِع النَّار، أَو يرقى عَلَيْهَا، وللطين من كرم الطَّبْع مَا لَيْسَ للنار.