﴿قَالَ أرأيتك هَذَا الَّذِي كرمت عَليّ لَئِن أخرتن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لأحتنكن ذُريَّته إِلَّا قَلِيلا (٦٢) ﴾
وروى سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس: أَن الله بعث إِبْلِيس حَتَّى أَخذ من الأَرْض قَبْضَة من التُّرَاب، وَكَانَ فِيهَا المالح والعذب فخلق مِنْهَا آدم، فَمن خلقه من العذب كَانَ سعيدا وَإِن كَانَ من أبوين كَافِرين، وَمن خلقه من المالح كَانَ شقيا، وَإِن كَانَ من صلب (بني آدم).
قَالَ ابْن عَبَّاس فَقَوله: ﴿أأسجد لمن خلقت طينا﴾ أَي: أأخضع لمن خلقته من طين، وَأَنا جِئْت بِهِ؟.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ أرأيتك هَذَا الَّذِي﴾ قَوْله: " أَرَأَيْت " أَي: أَخْبرنِي، وَالْكَاف لتأكيد المخاطبة. وَقَوله تَعَالَى: ﴿هَذَا الَّذِي كرمت عَليّ﴾ أَي: كرمته عَليّ وفضلته.
وَقَوله: ﴿لَئِن أخرتن﴾ أَي: أمهلتني ﴿إِلَى يَوْم الْقِيَامَة﴾ فطمع الْخَبيث أَن ينطر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وينجو من الْمَوْت، فَأبى الله تَعَالَى ذَلِك عَلَيْهِ، على مَا قَالَ فِي سُورَة الْحجر: ﴿فَإنَّك من المنظرين إِلَى يَوْم الْوَقْت الْمَعْلُوم﴾.
وَقَوله: ﴿لأحتنكن ذُريَّته﴾ قَالُوا: لأستأصلنهم؛ يُقَال: احتنك الْجَرَاد الزَّرْع إِذا استأصله. وَمِنْهُم من قَالَ: هُوَ مَأْخُوذ من حنك الدَّابَّة إِذا شدّ فِي حنكها الْأَسْفَل حبلا (رسنا) يَسُوقهَا بِهِ.
وَمَعْنَاهُ: لأسوقنهم إِلَى الْمعاصِي سوقا، ولأميلنهم إِلَيْهِ ميلًا، وَقيل: لأستولين عَلَيْهِم بالإعواء، وَقيل: لأضلنهم.
وَقَوله: ﴿ذُريَّته﴾ أَوْلَاده ﴿إِلَّا قَلِيلا﴾ والقليل هم الَّذين قَالَ الله تَعَالَى: ﴿إِن عبَادي لَيْسَ لَك عَلَيْهِم سُلْطَان﴾ فَإِن قيل: كَيفَ عرف إِبْلِيس أَن