﴿الرّوح قل الرّوح من أَمر رَبِّي﴾ جنس بني آدم لَهُم أَيدي وأرجل لَيْسُوا من الْمَلَائِكَة.. وَذكره أَبُو صَالح أَيْضا، وَرُوِيَ عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ: الرّوح ملك ذُو سَبْعُونَ ألف وَجه، لكل وَجه سَبْعُونَ ألف لِسَان - وَفِي رِوَايَة سَبْعُونَ لِسَانا يسبح الله بألسنته كلهَا.
وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ: إِن الرّوح هَا هُنَا: هُوَ الْقُرْآن. وَقيل: إِنَّه عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام. وَمَعْنَاهُ أَنه لَيْسَ كَمَا قَالَ الْيَهُود وَلَا كَمَا قَالَ النَّصَارَى، وَلكنه روح الله وكلمته تكون بأَمْره.
وَأَصَح الْأَقَاوِيل: أَن الرّوح هَا هُنَا هُوَ الرّوح الَّذِي يحيا بِهِ الْإِنْسَان، وَعَلِيهِ أَكثر الْمُفَسّرين. وَاخْتلفُوا فِيهِ: مِنْهُم من قَالَ: هُوَ الدَّم؛ أَلا ترى أَن الْإِنْسَان إِذا مَاتَ لم يغب مِنْهُ إِلَّا الدَّم، وَمِنْهُم من قَالَ: هُوَ تنفس الْإِنْسَان من الْهَوَاء؛ أَلا ترى أَن المخنوق يَمُوت لاحتباس النَّفس عَلَيْهِ، وَمِنْهُم من قَالَ: إِنَّه عرض، وَقَالَ بَعضهم: جسم لطيف يشبه الرّيح، يجْرِي فِي تجاويف الْإِنْسَان. وَاسْتدلَّ من قَالَ إِنَّه جسم [إِن] الله تَعَالَى قَالَ: ﴿بل أَحيَاء عِنْد رَبهم يرْزقُونَ فرحين بِمَا آتَاهُم الله﴾ وَإِنَّمَا يتَصَوَّر رزق الْأَجْسَام لَا رزق الْأَعْرَاض وتدل عَلَيْهِ أَن النَّبِي قَالَ: " أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي حواصل طير خضر تعلف من ثَمَر الْجنَّة أَو تَأْكُل ".
وَرُوِيَ عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " إِن الله تَعَالَى خلق الْأَرْوَاح قبل الأجساد بأَرْبعَة آلَاف سنة " وَهَذَا كُله دَلِيل على أَن الرّوح جسم وَلَيْسَ بِعرْض، وَهَذَا أولى الْقَوْلَيْنِ.