﴿خُذ الْكتاب بِقُوَّة وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبيا (١٢) وَحَنَانًا من لدنا وَزَكَاة وَكَانَ تقيا (١٣) وَبرا بِوَالِديهِ وَلم يكن جبارا عصيا (١٤) وَسَلام عَلَيْهِ يَوْم ولد وَيَوْم يَمُوت وَيَوْم يبْعَث﴾
وَقَوله: ﴿خُذ الْكتاب بِقُوَّة﴾ أَي: بجد واجتهاد.
وَقَوله: ﴿وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبيا﴾ أَي النُّبُوَّة. هَذَا قَول أَكثر الْمُفَسّرين، وَقَالَ قَتَادَة: أعْطى النُّبُوَّة وَهُوَ ابْن ثَلَاث سِنِين. وَقيل: المُرَاد من الحكم هُوَ الْعلم، فَقَرَأَ التَّوْرَاة، وَهُوَ صَغِير. وَعَن بعض السّلف قَالَ: من قَرَأَ الْقُرْآن قبل أَن يبلغ، فَهُوَ مِمَّن أُوتِيَ الحكم صَبيا. وَفِي الْآيَة قَول ثَالِث رَوَاهُ أَبُو وَائِل: وَهُوَ أَن يحيى قيل لَهُ وَهُوَ صَغِير: تعال نلعب، فَقَالَ: مَا للعب خلقت ". فَهُوَ معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبيا﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَحَنَانًا من لدنا﴾ أَي: رَحْمَة من عندنَا، قَالَ الشَّاعِر:
(أَبَا مُنْذر (أفنيت فَاسْتَبق بَعْضنَا)
حنانيك بعض الشَّرّ أَهْون من بعض)
هُوَ مَأْخُوذ من التحنن وَهُوَ التعطف.
وَقَوله: " وَزَكَاة " أَي " طَهَارَة وتوفيقا، وَقيل: إخلاصا.
وَقَوله: ﴿وَكَانَ تقيا﴾. وَصفه بالتقوى؛ لِأَنَّهُ لم يُذنب، وَلم يهم بذنب.
وَقَوله: ﴿وَبرا بِوَالِديهِ﴾ أَي: عطوفا.
وَقَوله: ﴿وَلم يكن جبارا عصيا﴾ الْجَبَّار هُوَ الَّذِي يقتل على
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَسَلام عَلَيْهِ يَوْم ولد وَيَوْم يَمُوت وَيَوْم يبْعَث حَيا﴾ خص هَذِه الْأَحْوَال بِهَذِهِ الْأَشْيَاء، لِأَن هَذِه الْأَحْوَال أوحش شَيْء فَإِنَّهُ عِنْد الْولادَة يخرج من بطن


الصفحة التالية
Icon