﴿كَانَ على رَبك حتما مقضيا (٧١) ثمَّ ننجي الَّذين اتَّقوا وَنذر الظَّالِمين فِيهَا جثيا (٧٢) وَإِذا تتلى عَلَيْهِم آيَاتنَا بَيِّنَات قَالَ الَّذين كفرُوا للَّذين آمنُوا أَي الْفَرِيقَيْنِ خير مقَاما وَأحسن نديا (٧٣) وَكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورءيا (٧٤) قل من كَانَ﴾ فَيَقُولُونَ: ألم تعدنا رَبنَا أَن ندخل النَّار؟ فَقَالَ لَهُم: قد وردتموها وَهِي خامدة ".
وَقَوله: ﴿كَانَ على رَبك حتما مقضيا﴾ أَي: لَازِما يُصِيب بِهِ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ثمَّ ننجي الَّذين اتَّقوا﴾ اسْتدلَّ بِهَذَا من قَالَ: إِن الْوُرُود هُوَ الدُّخُول؛ لِأَن التنجية إِنَّمَا تكون بعد الدُّخُول. وَقَالَ أَيْضا: ﴿وَنذر الظَّالِمين فِيهَا جثيا﴾ وَهَذَا دَلِيل على أَن الْكل قد دخلوها، وَأما من قَالَ: إِن الْوُرُود هُوَ الْحُضُور قَالَ: يجوز أَن تذكر التنجية لأجل الإشراف على الْهَلَاك.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذا تتلى عَلَيْهِم آيَاتنَا بَيِّنَات﴾ مَعْنَاهُ: واضحات.
وَقَوله: ﴿قَالَ الَّذين كفرُوا للَّذين آمنُوا أَي الْفَرِيقَيْنِ خير مقَاما﴾ أَي: مَكَانا. وَقَوله: ﴿وَأحسن نديا﴾ قَالَ ثَعْلَب: مَجْلِسا، قَالَ الْكسَائي: الندي والنادي بِمَعْنى وَاحِد، وَمِنْه دَار الندوة؛ لأَنهم كَانُوا يَجْتَمعُونَ فِيهَا.
وَسبب نزُول الْآيَة: أَن الْمُشْركين كَانُوا يَقُولُونَ لفقراء الْمُؤمنِينَ: نَحن أعز مَجْلِسا، وَأحسن مَكَانا، وَأكْثر مَالا؛ فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة. وَالْمقَام: مَوضِع الْإِقَامَة، وَالْمقَام: فعل الْإِقَامَة. قَالَ الشَّاعِر:
(ومقام حسن فرقته... بحسامي ولساني وجدل)
(لَو يكون الْفِيل أَو فياله... زل عَن مثل مقَامي ورحل)
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا﴾ وقرىء: " وريا " بِغَيْر همز، وَفِي الشاذ: " وزيا " بالزاء، حُكيَ هَذَا عَن سعيد بن جُبَير. أما قَوْله


الصفحة التالية
Icon