﴿بأسنا إِذا هم مِنْهَا يركضون (١٢) لَا تركضوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أترفتم فِيهِ ومساكنكم لَعَلَّكُمْ تسْأَلُون (١٣) قَالُوا يَا ويلنا إِنَّا كُنَّا ظالمين (١٤) فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعوَاهُم حَتَّى﴾ عذابنا.
وَقَوله: ﴿إِذا هم مِنْهَا يركضون﴾ أَي: يهربون ركضا، يُقَال: ركض الدَّابَّة إِذا أسْرع فِي سَيرهَا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَا تركضوا﴾ أَي: لَا تهربوا.
وَقَوله: ﴿وَارْجِعُوا إِلَى مَا أترفتم فِيهِ﴾ أَي: نعمتم فِيهِ، والمترف: الْمُنعم، وَقيل: إِلَى دنياكم ﴿ومساكنكم﴾ الَّتِي نعمتم فِيهَا. قَالَ أَكثر أهل التَّفْسِير: هَذِه الْآيَات نزلت فِي أهل مَدِينَة كفرُوا، فَسلط الله عَلَيْهِم بعض الْجَبَابِرَة - وَقيل: كَانَ بخْتنصر - فَلَمَّا أَصَابَهُم عَذَاب السَّيْف هربوا، فَقَالَ لَهُم الْمَلَائِكَة، وَالسُّيُوف قد أخذتهم: لَا تهربوا، وَارْجِعُوا إِلَى مَا أترفتم فِيهِ ومساكنكم. ﴿لَعَلَّكُمْ تسْأَلُون﴾ من دنياكم، فتعطون من شِئْتُم، وتمنعون من شِئْتُم، قَالُوا هَذَا لَهُم استهزاء، وَقد قيل: هَذَا فِي أهل مَدِينَة أَصَابَهُم عَذَاب من السَّمَاء، فَخَرجُوا هاربين، وَقَالَ لَهُم الْمَلَائِكَة هَذَا القَوْل، وَيُقَال فِي قَوْله: ﴿لَعَلَّكُمْ تسْأَلُون﴾ أَي: تسْأَلُون لم تركْتُم مَا يصلح دينكُمْ وَأمر آخرتكم، واشتغلتم بِمَا يُوجب الْعَذَاب عَلَيْكُم؟ وَيُقَال: لَعَلَّكُمْ تسْأَلُون عَمَّا عاينتم من الْعَذَاب، قَالَت الْمَلَائِكَة هَذَا توبيخا لَهُم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالُوا يَا ويلنا إِنَّا كُنَّا ظالمين﴾ الويل: دُعَاء الْهَلَاك.
وَقَوله: ﴿ظالمين﴾ أَي: ظالمين لأنفسنا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعوَاهُم﴾ أَي: دعاؤهم وَقَوْلهمْ.
وَقَوله: ﴿حَتَّى جعلناهم حصيدا خامدين﴾ الحصيد: هُوَ المستأصل.
وَقَوله: ﴿خامدين﴾ أَي: ميتين، وَمعنى الْآيَة: جعلناهم كَأَن لم يَكُونُوا.
قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿وَمَا خلقنَا السَّمَاء وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا لاعبين﴾ أَي:


الصفحة التالية
Icon