﴿جعلناهم حصيدا خامدين (١٥) وَمَا خلقنَا السَّمَاء وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا لاعبين (١٦) لَو أردنَا أَن نتَّخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إِن كُنَّا فاعلين (١٧) بل نقذف بِالْحَقِّ على الْبَاطِل فيدمغه فَإِذا هُوَ زاهق وَلكم الويل مِمَّا تصفون (١٨) وَله من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض﴾ للعب.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَو أردنَا أَن نتَّخذ لهوا﴾ اخْتلفُوا فِي اللَّهْو هَاهُنَا على قَوْلَيْنِ: أَحدهمَا: أَن اللَّهْو هُوَ الْمَرْأَة، وَالْآخر: أَن اللَّهْو هُوَ الْوَلَد، وَهُوَ فِي الْمَرْأَة أظهر؛ فَإِن الْوَطْء يُسمى لهوا فِي اللُّغَة، وَالْمَرْأَة مَحل الْوَطْء، قَالَ الشَّاعِر:

(أَلا زعمت بسباسة الْيَوْم أنني كَبرت وَألا يحسن اللَّهْو أمثالي)
وَعَن بَعضهم: أَن اللَّهْو هُوَ الْغناء، وَهُوَ ضَعِيف فِي هَذَا الْموضع.
وَقَوله: ﴿لاتخذناه من لدنا﴾ أَي: لاتخذناه من عندنَا لَا من عنْدكُمْ، وَيُقَال: اتخذناه بِحَيْثُ لَا ترَوْنَ).
وَقَوله: ﴿إِن كُنَّا فاعلين﴾ أَي: مَا كُنَّا فاعلين، وَيُقَال: إِن كُنَّا فاعلين، وَلم نفعله؛ لِأَنَّهُ لَا يَلِيق بِنَا.
قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿بل نقذف بِالْحَقِّ على الْبَاطِل﴾ الْحق هَاهُنَا: قَول الله تَعَالَى: " إِنَّه لَا ولد لَهُ " وَالْبَاطِل قَوْلهم: إِن الله اتخذ ولدا، وَيُقَال: إِن الْحق هُوَ الْقُرْآن، وَالْبَاطِل هُوَ الشَّيْطَان.
وَقَوله: ﴿نقذف﴾ أَي: نلقي.
وَقَوله: ﴿فيدمغه﴾ أَي: يُزِيلهُ، يُقَال: دمغت فلَانا إِذا كسرت دماغه وقتلته.
وَقَوله: ﴿فَإِذا هُوَ زاهق﴾ أَي: ذَاهِب، وَهَذَا من حَيْثُ بَيَان الدَّلِيل وَالْحجّة، لَا من حَيْثُ إِزَالَة الْكفْر أصلا، فَإِن الْكفْر وَالْبَاطِل فِي الْعَالم كثير.
وَقَوله: ﴿وَلكم الويل مِمَّا تصفون﴾ قَالَ قَتَادَة: مِمَّا تكذبون، وَقَالَ الْحسن: هُوَ لكل واصف كذبا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.


الصفحة التالية
Icon