﴿الموازين الْقسْط ليَوْم الْقِيَامَة فَلَا تظلم نفس شَيْئا وَإِن كَانَ مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل أَتَيْنَا بهَا﴾ وكل كفة مِنْهُ مثل مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب، فَقَالَ: يَا رب: وَمن يمْلَأ هَذَا من الْحَسَنَات؟ فَقَالَ: باداود، إِذا رضيت عَن عَبدِي ملأته بكسرة أَو تَمْرَة وَالله أعلم.
وَأما كَيْفيَّة الْوَزْن فقد قَالَ بَعضهم إِنَّه يُوزن الْحَسَنَات والسيئات، وَقيل: يُوزن خَوَاتِيم الْأَعْمَال، وَقَالَ بَعضهم: الْمِيزَان عَلامَة يعرف بهَا مقادير اسْتِحْقَاق الثَّوَاب وَالْعِقَاب، وَالصَّحِيح هُوَ الْمِيزَان حَقِيقَة، فَإِن قيل: قد قَالَ فِي مَوضِع آخر: ﴿فَلَا نُقِيم لَهُم يَوْم الْقِيَامَة وزنا﴾ فَكيف التَّوْفِيق بَين الْآيَتَيْنِ؟ وَالْجَوَاب عَنهُ: أَن معنى قَوْله: ﴿فَلَا نُقِيم لَهُم يَوْم الْقِيَامَة وزنا﴾ أَي: لَا يَسْتَقِيم وزنهم على الْحق، فَإِن ميزانهم شائل نَاقص خَفِيف، وَيُقَال: ﴿فَلَا نُقِيم لَهُم يَوْم الْقِيَامَة وزنا﴾ أَي: ثَوابًا، قَالَ بعض الْخَوَارِج فِي ضَرْبَة ابْن ملجم لعَلي رَضِي الله عَنهُ: -
(يَا ضَرْبَة من تقى مَا أَرَادَ بهَا | إِلَّا ليدرك من ذِي الْعَرْش رضوانا) |
(إِنِّي لأذكر يَوْمًا فأحسبه | أوفى الْبَريَّة عِنْد الله ميزانا) |
وَقَوله تَعَالَى: ﴿فَلَا تظلم نفس شَيْئا﴾ أَي: [لَا] يُزَاد فِي سيئاته، وَلَا ينقص من حَسَنَاته.
وَقَوله: ﴿وَإِن كَانَ مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل﴾ أَي: زنة حَبَّة خَرْدَل.
وَقَول: ﴿أَتَيْنَا بهَا﴾ أَي: أحضرناها؛ لنجازى عَلَيْهَا.
وقرىء فِي الشاذ: " آتَيْنَا بهَا " بِمد الْألف، من الإيتاء أَي: جازينا بهَا أَو أعطينا بهَا.
وَقَوله: ﴿وَكفى بِنَا حاسبين﴾ أَي: محاسبين، وَقيل: حافظين عَالمين، وَقيل: محصين.