﴿وزَكَرِيا إِذْ نَادَى ربه رب لَا تذرني فَردا وَأَنت خير الْوَارِثين (٨٩) فاستجبنا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يحيى وأصلحنا لَهُ زوجه إِنَّهُم كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخيرَات ويدعوننا رغبا ورهبا وَكَانُوا﴾
وَرُوِيَ عَن [سعد بن أبي] وَقاص - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ: سَمِعت النَّبِي يَقُول: " كلمة أعرفهَا لَا يَقُولهَا أحد فِي كرب إِلَّا فرج عَنهُ، وَهِي كلمة أخي يُونُس: لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين ". وَفِي الْقِصَّة: أَن الْحُوت أَلْقَاهُ فِي سَاحل الْبَحْر: وَأنْبت الله لَهُ شَجَرَة من يَقْطِين، وقصة ذَلِك تَأتي من بعد فِي سُورَة: " وَالصَّافَّات "، فَإِن قيل: قَوْله: ﴿وَكَذَلِكَ ننجي الْمُؤمنِينَ﴾ هُوَ مَكْتُوب فِي الْمُصحف بنُون وَاحِدَة فَكيف جعلتم أصح الْقِرَاءَتَيْن بنونين؟ وَالْجَوَاب عَنهُ: أَنه إِنَّمَا كتب بنُون وَاحِد؛ لِأَن النُّون الأولى متحركة، وَالنُّون الثَّانِيَة سَاكِنة، فخفيت الساكنة فِي جنب المتحركة، فحذفت، وَقد ذكر الْفراء وَجها لقِرَاءَة عَاصِم، وَهُوَ أَن مَعْنَاهُ: نجى النَّجَاء الْمُؤمنِينَ فخفض الْمُؤمنِينَ على إِضْمَار الْمصدر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وزَكَرِيا إِذْ نَادَى ربه﴾ أَي: دَعَا ربه.
وَقَوله: ﴿رب لَا تذرني فَردا﴾ أَي: وحيدا، وَمَعْنَاهُ: هُوَ مَا ذكرنَا من دُعَاء الْوَلَد.
وَقَوله: ﴿وَأَنت خير الْوَارِثين﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فاستجبنا لَهُ﴾ أَي: فأجبناه.
وَأما قَوْله: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ يحيى﴾ سمي يحيى، لِأَن رَحمهَا حَيّ بِالْوَلَدِ.
وَقَوله: ﴿وأصلحنا لَهُ زوجه﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا - وَهُوَ الْمَعْرُوف - أَنه كَانَ عقيما فَجعله ولودا، وَالْآخر: مَا رُوِيَ عَن عَطاء أَنه قَالَ: معنى الْإِصْلَاح أَنه كَانَ فِي لِسَان امْرَأَته طول، وَفِي خلقهَا سوء فأصلحها.
وَقَوله: ﴿إِنَّهُم كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخيرَات﴾ ينْصَرف إِلَى جَمِيع الْأَنْبِيَاء الَّذين ذكرهم.


الصفحة التالية
Icon