﴿شَعَائِر الله لكم فِيهَا خير فاذكروا اسْم الله عَلَيْهَا صواف فَإِذا وَجَبت جنوبها فَكُلُوا مِنْهَا وأطعموا القانع والمعتر كَذَلِك سخرناها لكم لَعَلَّكُمْ تشركون (٣٦) لن ينَال﴾ الْمَعْرُوف فِي الْفِقْه، وَفِي الْآثَار: أَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - حج آخر حجَّة فِي آخر سنة، فَكَانَ يَرْمِي جَمْرَة الْعقبَة، فأصابت جَمْرَة صلعته فَسَالَ الدَّم مِنْهَا، فَقَالَ رجل: أشعر أَمِير الْمُؤمنِينَ فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَة قتل.
وَقَوله: ﴿لكم فِيهَا خير﴾ قد بَينا.
وَقَوله: ﴿فاذكروا اسْم الله عَلَيْهَا صواف﴾ وَعَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ: " صوافي "، وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه قَرَأَ: " صَوَافِن "، وَالْمَعْرُوف ﴿صواف﴾ وَمَعْنَاهُ: مصطفة، وَأما " صوافي " مَعْنَاهُ: خَالِصَة، وَأما " صَوَافِن " فَهُوَ أَن يُقَام على ثَلَاث قَوَائِم، وَيعْقل يَده الْيُسْرَى، وَهَذَا هُوَ الصفون. قَالَ الشَّاعِر:

(ألف الصفون فَمَا يزَال كَأَنَّهُ مِمَّا يقوم على الثَّلَاث كسير)
وَقَوله: ﴿فَإِذا وَجَبت جنوبها﴾ أَي: سَقَطت على جنوبها.
وَقَوله: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا﴾ قد بَينا.
وَقَوله: ﴿وأطعموا القانع والمعتر﴾ الْمَعْرُوف أَن القانع هُوَ السَّائِل، والمعتر هُوَ الَّذِي يتَعَرَّض وَلَا يسْأَل، قَالَ مَالك: أحسن مَا سَمِعت فِي هَذَا أَن القانع هُوَ المعتر والمعتر، الرَّائِي، قَالَ الشَّاعِر:
(على مكثريهم حق من يعتريهم وَعند المقلين السماحة والبذل)
وَيُقَال: القانع هُوَ الَّذِي يقنع بِمَا أعطي، وَالْمَعْرُوف هُوَ القَوْل الأول أَن القانع هُوَ السَّائِل، وَيُقَال: الْمِسْكِين الطّواف.
وَقَوله: ﴿كَذَلِك سخرناها لكم﴾ أَي: ذللناها لكم.
وَقَوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تشكرون﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لن ينَال الله لحومها وَلَا دماؤها﴾ رُوِيَ أَن الْمُشْركين كَانُوا إِذا


الصفحة التالية
Icon