﴿انقلوا إِلَى أهلهم لَعَلَّهُم يرجعُونَ (٦٢) فَلَمَّا رجعُوا إِلَى أَبِيهِم قَالُوا يَا أَبَانَا منع منا الْكَيْل فَأرْسل مَعنا أخانا نكتل وَإِنَّا لَهُ لحافظون (٦٣) قَالَ هَل آمنكم عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أمنتكم على أَخِيه من قبل فَالله خير حَافِظًا وَهُوَ أرْحم الرَّاحِمِينَ (٦٤) ﴾ إِذا انقلبوا إِلَى أهلهم لَعَلَّهُم يرجعُونَ) فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: لَعَلَّهُم يعْرفُونَ كرامتهم علينا، وإحساننا إِلَيْهِم فيحملهم ذَلِك على الرُّجُوع.
وَالْقَوْل الثَّانِي: لَعَلَّهُم يعرفونها إِذا انقلبوا إِلَى أهلهم - يَعْنِي: البضاعة - فيرجعون لرد البضاعة نفيا للغلط. وَاخْتلف القَوْل فِي أَنه لم رد بضاعتهم عَلَيْهِم؟
فأحد الْأَقْوَال: مَا بَينا، وَهُوَ أَن يكون ذَلِك حثا لَهُم على الرُّجُوع. وَالثَّانِي: أَنه عرف أَن الدَّرَاهِم كَانَت قَليلَة عِنْدهم فَرد الدَّرَاهِم عَلَيْهِم ليَكُون عونا لَهُم على شِرَاء الطَّعَام. وَالثَّالِث: أَنه استحيا أَن يُعْطي أَبَاهُ وَإِخْوَته بِالثّمن مَعَ شدَّة حَاجتهم وسعة الْأَمر عَلَيْهِ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا رجعُوا إِلَى أَبِيهِم قَالُوا يَا أَبَانَا منع منا الْكَيْل﴾ إِن لم نحمل أخانا مَعنا. وَالثَّانِي: أَنه كَانَ أعْطى باسم كل وَاحِد مِنْهُم وقرا، وَلم يُعْط باسم بنيامين شَيْئا، وَقَالَ: احملوه لأعطي باسمه؛ فَهَذَا معنى قَوْله: ﴿منع منا الْكَيْل﴾ أَي: منع منا الْكَيْل لبنيامين؛ وَالْمعْنَى بِالْكَيْلِ هُوَ الطَّعَام؛ لِأَنَّهُ يُكَال. وَقَوله: ﴿فَأرْسل مَعنا أخانا نكتل﴾ أَي: نكيل الطَّعَام، وَقيل: نكتل لَهُ. وَقَوله: ﴿وَإِنَّا لَهُ لحافظون﴾ ظَاهر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ هَل ءآمنكم عَلَيْهِ﴾ الْآيَة، معنى هَذَا: كَيفَ آمنكم عَلَيْهِ وَقد فَعلْتُمْ بِيُوسُف مَا فَعلْتُمْ. وَقَوله: ﴿فَالله خير حَافِظًا﴾ قرىء: " حفظا " و " حَافِظًا " وَمَعْنَاهُ: حفظ الله خير من حفظكم، وحافظ الله خير من حافظكم.
قَوْله: ﴿وَهُوَ أرْحم الرَّاحِمِينَ﴾ ظَاهر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلما فتحُوا مَتَاعهمْ وجدوا بضاعتهم ردَّتْ إِلَيْهِم﴾ يَعْنِي: مَا حملُوا من الدَّرَاهِم ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نبغي﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَي شَيْء نطلب؟ على طَرِيق الِاسْتِفْهَام؛ قَالَه قَتَادَة. وَحَقِيقَته: أَنهم ذكرُوا ليعقوب عَلَيْهِ السَّلَام إِحْسَان الْملك