﴿فَاسْتَمعُوا لَهُ إِن الَّذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا وَلَو اجْتَمعُوا لَهُ وَإِن يسلبهم الذُّبَاب شَيْئا لَا يستنقذوه مِنْهُ ضعف الطَّالِب وَالْمَطْلُوب (٧٣) مَا قدرُوا الله حق قدره إِن الله لقوي عَزِيز (٧٤) الله يصطفي من الْمَلَائِكَة رسلًا وَمن النَّاس﴾ وَعَن بعض السّلف قَالَ: خلق الله تَعَالَى الذُّبَاب ليذل؛ بِهِ الْجَبَابِرَة، وَهُوَ حَيَوَان مستأنس مُمْتَنع؛ لِأَنَّهُ يسْتَأْنس بك فَيَقَع عَلَيْك، ثمَّ إِذا أردْت أَن تَأْخُذهُ امْتنع مِنْهُ.
وَقَوله: ﴿وَإِن يسلبهم الذُّبَاب شَيْئا لَا يستنقذوه مِنْهُ﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: كَانُوا يطلون الْأَصْنَام بالزعفران، فَإِذا جف جَاءَ الذُّبَاب واستلب مِنْهُ شَيْئا، فَأخْبر الله تَعَالَى أَن الْأَصْنَام لَا يستنقذون من الذُّبَاب مَا استلبه، وَعَن السّديّ: أَنهم كَانُوا يأْتونَ بِالطَّعَامِ، ويضعون بَين يَدي الْأَصْنَام، فَيَجِيء الذُّبَاب ويقعن عَلَيْهِ، ويأكلن مِنْهُ، فَهُوَ معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِن يسلبهم الذُّبَاب شَيْئا لَا يستنقذوه مِنْهُ﴾.
وَقَوله: ﴿ضعف الطَّالِب وَالْمَطْلُوب﴾ (الطَّالِب الذُّبَاب، وَالْمَطْلُوب الصَّنَم، وَيُقَال: الطَّالِب الصَّنَم، وَالْمَطْلُوب) الذُّبَاب.
وَقيل: ﴿ضعف الطَّالِب وَالْمَطْلُوب﴾ أَي: العابد والمعبود.
وَقَوله: ﴿مَا قدرُوا الله حق قدره﴾ أَي: مَا عظموا الله حق عَظمته، وَيُقَال: مَا عرفُوا الله حق مَعْرفَته، وَقيل: مَا وصفوا الله حق صفته، وَعَن ابْن عَبَّاس: أَن الْيَهُود قَالُوا: إِن الله خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام، واستراح يَوْم السبت، فَأنْزل الله تَعَالَى: ﴿مَا قدرُوا الله حق قدره﴾.
وَقَوله: ﴿إِن الله لقوي عَزِيز﴾ أَي: قوي على مَا يُرِيد، عَزِيز أَي: منيع فِي ملكه.
قَوْله تَعَالَى: ﴿الله يصطفي من الْمَلَائِكَة رسلًا وَمن النَّاس﴾ أما من الْمَلَائِكَة فهم: جِبْرِيل، وَمِيكَائِيل، وإسرافيل، وَملك الْمَوْت، وَغَيرهم، وَأما من النَّاس فهم: آدم، ونوح، وَإِبْرَاهِيم، ومُوسَى، وَعِيسَى، وَمُحَمّد، وَغَيرهم صلوَات الله عَلَيْهِم.
وَقَوله: ﴿إِن الله سميع بَصِير﴾ سميع لأقوال الْعباد، بَصِير بهم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يعلم مَا بَين أَيْديهم وَمَا خَلفهم﴾ قد بَينا هَذَا من قبل، وَيُقَال:


الصفحة التالية
Icon