﴿ارْجعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أزكى لكم وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ عليم (٢٨) لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تدْخلُوا بُيُوتًا غير مسكونة فِيهَا مَتَاع لكم وَالله يعلم مَا تبدون وَمَا تكتمون﴾
وَقَوله تَعَالَى: ﴿فَإِن لم تَجدوا فِيهَا أحدا فَلَا تدخلوها حَتَّى يُؤذن لكم﴾ أَي: لَا تدخلوها بِغَيْر إِذن الْمَالِك.
وَقَوله: ﴿وَإِن قيل لكم ارْجعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أزكى لكم﴾ يَعْنِي: إِذا كَانَ فِي الْبَيْت قوم وَقَالُوا: ارْجع، فَليرْجع، وَالسّنة أَن لَا يتَغَيَّر أذن أَو رد لِأَنَّهُ رُبمَا يكون للْقَوْم معاذير، وَكَانَ ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنهُ - يَأْتِي بَاب الْأنْصَارِيّ لطلب الحَدِيث، فيقعد على الْبَاب حَتَّى يخرج وَلَا يسْتَأْذن، فَيخرج ذَلِك الرجل وَيَقُول: يَا ابْن عَم رَسُول الله، لَو أَخْبَرتنِي؟ فَيَقُول: هَكَذَا أمرنَا أَن نطلب الْعلم.
وَقَوله: ﴿هُوَ أزكى لكم﴾ يَعْنِي: هُوَ أصلح لكم.
وَقَوله: ﴿وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ عليم﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تدْخلُوا بُيُوتًا غير مسكونة﴾.
فِيهِ أَقْوَال: أَحدهَا: أَنَّهَا الْمنَازل فِي طَرِيق الْمُسَافِرين، وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنَّهَا حوانيت التُّجَّار، وَالْقَوْل الثَّالِث: أَنَّهَا الْمنَازل الخربة، وَالْقَوْل الرَّابِع: أَنَّهَا الْخَانَات والمنازل فِي الطّرق، فَهُوَ الدُّخُول فِيهَا وَالنُّزُول، وَأما فِي حوانيت التُّجَّار فالمنفعة هُوَ البيع وَالشِّرَاء، وَأما فِي الخرابات فالبول وَالْغَائِط.
وَقَوله: ﴿وَالله يعلم مَا تبدون وَمَا تكتمون﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَرُوِيَ عَن شُعَيْب بن الحبحاب قَالَ: كَانَ أَبُو الْعَالِيَة يأتيني وَأَنا فِي دكانتي، فيستأذن ثمَّ يدْخل، فَأَقُول لَهُ: إِنَّمَا هُوَ الْحَانُوت، فَيَقُول لي: الْإِنْسَان يَخْلُو فِي حانوته بِحِسَابِهِ ودراهمه، وَأما الاسْتِئْذَان على الْمَحَارِم فَإِن كَانُوا فِي دَار مُنْفَرِدَة يسْتَأْذن، وَإِن كَانُوا فِي دَار وَاحِدَة فَإِذا دخل عَلَيْهَا يَتَنَحْنَح، ويتحرك أدنى حَرَكَة، وَقيل لِقَتَادَة: لَا