﴿وأهلنا الضّر وَجِئْنَا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الْكَيْل وَتصدق علينا إِن الله يَجْزِي المتصدقين (٨٨) قَالَ هَل علمْتُم مَا فَعلْتُمْ بِيُوسُف وأخيه إِذْ أَنْتُم جاهلون (٨٩) قَالُوا أئنك لأَنْت يُوسُف قَالَ أَنا يُوسُف وَهَذَا أخي قد من الله علينا إِنَّه﴾
وَقَالَ (كَعْب: كَانَت عشرَة دَنَانِير. وَقيل: كَانَ مَتَاع الْأَعْرَاب من الصُّوف والأقط وَغَيره. وَقَوله: ﴿فأوف لنا الْكَيْل﴾ مَعْنَاهُ: أتم كَمَا كنت تتمّ كل مرّة. وَقَوله: ﴿وَتصدق علينا﴾ أَي: بِمَا بَين النافق والكاسد. وَقيل: تصدق علينا بالتجوز. قَالَ الشَّاعِر:

(تصدق علينا يَا ابْن عَفَّان واحتسب وَأمر علينا الْأَشْعَرِيّ لياليا)
يعنون: أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، وَقيل: وَتصدق علينا بِإِطْلَاق أخينا، وَعَن مُجَاهِد قَالَ: يكره أَن يَقُول الرجل: اللَّهُمَّ تصدق عَليّ؛ لِأَن الصَّدَقَة إِنَّمَا تكون مِمَّن يَبْتَغِي الثَّوَاب. فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ قَالُوا: وَتصدق علينا، وَالصَّدَََقَة لَا تحل للأنبياء؟ الْجَواب: أَن سُفْيَان ابْن عُيَيْنَة قَالَ: قد كَانَت حَلَالا لَهُم، ولأنا بَينا أَن المُرَاد مِنْهُ التَّجَوُّز والمحاباة، وَهَذَا جَائِز بالِاتِّفَاقِ. وَقَوله: ﴿إِن الله يَجْزِي المتصدقين﴾ لم يَقُولُوا: يجْزِيك؛ لأَنهم لم يثقوا بإيمانه، فَقَالُوا: إِن الله يَجْزِي المتصدقين على الْإِطْلَاق لهَذَا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ هَل علمْتُم مَا فَعلْتُمْ بِيُوسُف وأخيه﴾ رُوِيَ أَنهم [لما] قَالُوا هَذَا وسَمعه يُوسُف أَدْرَكته الرقة، فَقَالَ لَهُم هَذَا القَوْل: هَل [علمْتُم] مَا فَعلْتُمْ أَي: مَا صَنَعْتُم بِيُوسُف وأخيه، وَالَّذِي فعلوا بأَخيه هُوَ التَّفْرِيق بَينهمَا وَلم يذكر مَا فعلوا بِيَعْقُوب دفعا لحشمته وتعظيما لَهُ. وَقَوله: ﴿إِذْ أَنْتُم جاهلون﴾ مَعْنَاهُ: إِذْ أَنْتُم آثمون عاصون، وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذْ أَنْتُم صبيان، وَعَن الْحسن قَالَ: إِذْ أَنْتُم شُبَّان وَمَعَكُمْ جهل الشبَّان، وَفِي الْقِصَّة: أَنه لما قَالَ هَذَا القَوْل تَبَسم فَرَأَوْا ثناياه منظوما كَاللُّؤْلُؤِ فعرفوه وَقَالُوا:
﴿أئنك لأَنْت يُوسُف﴾ وَقَالَ بَعضهم: قَالُوا هَذَا على التَّوَهُّم وَلم يَكُونُوا تيقنوا بعد حَتَّى قَالَ لَهُم: أَنا يُوسُف. وَقَوله: ﴿أَنا يُوسُف وَهَذَا أخي﴾


الصفحة التالية
Icon