﴿الشَّمْس وَالْقَمَر كل يجْرِي لأجل مُسَمّى يدبر الْأَمر يفصل الْآيَات لَعَلَّكُمْ بلقاء ربكُم توقنون (٢) وَهُوَ الَّذِي مد الأَرْض وَجعل فِيهَا رواسي وأنهارا وَمن كل الثمرات جعل فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يغشي اللَّيْل النَّهَار إِن فِي ذَلِك لآيَات لقوم يتفكرون (٣) وَفِي﴾
وَقَوله: ﴿ترونها﴾ رَاجع إِلَى الْعمد، كَأَنَّهُ قَالَ: لَهَا عمد لَا ترونها، وَزعم أَن لَهَا عمدا على جبل قَاف، وَأَن السَّمَاء عَلَيْهَا مثل الْقبَّة، وجبل قَاف مُحِيط بالدنيا، وَهُوَ من زبرجدة خضراء، وَالصَّحِيح مَا بَينا.
وَقَوله: ﴿ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش﴾ قد بَينا الْمَعْنى. وَقَوله: ﴿وسخر الشَّمْس وَالْقَمَر﴾ مَعْنَاهُ: ذلل الشَّمْس وَالْقَمَر فهما مذللان مقهوران يجريان على مَا يُرِيد الله. وَقَوله: ﴿كل يجْرِي لأجل مُسَمّى﴾ أَي: لمُدَّة مَضْرُوبَة. وَقَوله: ﴿يدبر الْأَمر﴾ التَّدْبِير من الله تَعَالَى فعل الْأَشْيَاء على مَا يُوجب الْحِكْمَة. وَقَوله: ﴿يفصل الْآيَات﴾ مَعْنَاهُ يبين الدلالات. وَقَوله: ﴿لَعَلَّكُمْ بلقاء ربكُم توقنون﴾ تؤمنون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الَّذِي مد الأَرْض﴾ الْآيَة قد كَانَت الأَرْض مَدَرَة مُدَوَّرَة، فبسطها الله تَعَالَى ومدها. وَقَوله: ﴿وَجعل فِيهَا رواسي﴾ أَي: جبالا ثوابت.
وَقَوله: ﴿وأنهارا﴾ الْأَنْهَار: مجاري المَاء الواسعة. وَقَوله: ﴿وَمن كل الثمرات جعل فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ﴾ أَي: صنفين اثْنَيْنِ أَحْمَر وأصفر وحلو وحامض، وَقيل: إِن قَوْله ﴿اثْنَيْنِ﴾ تَأْكِيد لقَوْله: ﴿زَوْجَيْنِ﴾.
وَقَوله: ﴿يغشي اللَّيْل النَّهَار﴾ مَعْنَاهُ: يلبس النَّهَار بظلمة اللَّيْل، ويلبس ظلمَة اللَّيْل بضوء النَّهَار. وَقَوله: ﴿إِن فِي ذَلِك لآيَات﴾ لدلالات ﴿لقوم يتفكرون﴾ التفكر تصرف الْقلب فِي طلب مَعَاني الْأَشْيَاء.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَفِي الأَرْض قطع متجاورات﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَن فِيهِ حذفا؛ فَكَأَنَّهُ قَالَ: " وَفِي الأَرْض قطع متجاورات وَغير متجاورات، وَهَذَا مثل قَوْله تَعَالَى: ﴿وسرابيل تقيكم الْحر﴾ يَعْنِي: وسرابيل تقيكم الْحر وَالْبرد.


الصفحة التالية
Icon