﴿الله يضل من يَشَاء وَيهْدِي إِلَيْهِ من أناب (٢٧) الَّذين آمنُوا وتطمئن قُلُوبهم بِذكر الله أَلا بِذكر الله تطمئِن الْقُلُوب (٢٨) الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات طُوبَى لَهُم وَحسن﴾
وَقَوله تَعَالَى: ﴿الَّذين آمنُوا وتطمئن قُلُوبهم بِذكر الله﴾ أَي: تسكن قُلُوبهم بِذكر الله، وَقيل: تستأنس قُلُوبهم بِذكر الله، والسكون بِالْيَقِينِ، وَالِاضْطِرَاب بِالشَّكِّ، قَالَ الله تَعَالَى فِي شَأْن الْمُشْركين: ﴿إِذا ذكر الله وَحده اشمأزت قُلُوب الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة﴾ أَي: اضْطَرَبَتْ، وَقَالَ فِي الْمُؤمنِينَ ﴿الَّذين آمنُوا وتطمئن قُلُوبهم بِذكر الله﴾.
وَقَوله: ﴿أَلا بِذكر الله تطمئِن الْقُلُوب﴾ مَعْنَاهُ: أَلا بِذكر الله تسكن الْقُلُوب، وطمأنينة الْقلب بِزَوَال الشَّك مِنْهُ واستقرار الْيَقِين فِيهِ، فَإِن قَالَ قَائِل: أَلَيْسَ الله تَعَالَى قَالَ: ﴿وجلت قُلُوبهم﴾ فَكيف توجل وتطمئن فِي حَالَة وَاحِدَة؟ وَالْجَوَاب: أَن الوجل بِذكر الْوَعيد وَالْعِقَاب، والطمأنينة بِذكر الْوَعْد وَالثَّوَاب، فَكَأَنَّهَا توجل إِذا ذكر عدل الله وَشدَّة حسابه، وتطمئن إِذا ذكر فضل الله وَكَرمه.
قَوْله تَعَالَى: ﴿الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات﴾ مَعْنَاهُ: وَعمِلُوا الطَّاعَات. وَقَوله: ﴿طُوبَى لَهُم﴾ فِيهِ أَقْوَال: رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي أُمَامَة وَأبي الدَّرْدَاء وَعَن ابْن عَبَّاس بِرِوَايَة الْكَلْبِيّ أَنهم قَالُوا: طُوبَى شَجَرَة فِي الْجنَّة تظلل الْجنان كلهَا.
وَفِي بعض الْأَخْبَار أَن أَصْلهَا فِي منزل النَّبِي وقصره، وَفِي كل قصر من قُصُور الْجنَّة غُصْن مِنْهَا، وَعَلَيْهَا من جَمِيع أَنْوَاع الثَّمر، وَتَقَع عَلَيْهَا طيور كالبخت إِذا رَآهَا الْمُؤمن واشتهى مِنْهَا سَقَطت بَين يَدَيْهِ، فيأكل مِنْهَا مَا شَاءَ ثمَّ تطير، وَفِي بعض الْأَخْبَار: أَن رجلا لَو ركب حَقًا أَو جذعا، وَجعل يطوف بأصلها لقَتله الْهَرم، وَلم يبلغ إِلَى الْموضع الَّذِي ابْتَدَأَ مِنْهُ.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن طُوبَى اسْم الْجنَّة، قَالَ مُجَاهِد: هِيَ اسْم الْجنَّة بالحبشية. وَعَن عِكْرِمَة: طُوبَى لَهُم أَي نعماء لَهُم، وَعَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ: أَي خير وكرامة لَهُم، وَعَن