﴿الْحق من رَبك لتنذر قوما مَا أَتَاهُم من نَذِير من قبلك لَعَلَّهُم يَهْتَدُونَ (٣) الله الَّذِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا فِي سِتَّة أَيَّام ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش مَا لكم من دونه من ولي وَلَا شَفِيع أَفلا تتذكرون (٤) يدبر الْأَمر من السَّمَاء إِلَى الأَرْض ثمَّ يعرج إِلَيْهِ﴾ مَعْنَاهُ: بل رَأَيْت.
وَقَوله: ﴿بل هُوَ الْحق من رَبك لتنذر قوما مَا أَتَاهُم [من نَذِير من قبلك] ﴾
مَا هَا هُنَا بِمَعْنى النَّفْي، وَمَعْنَاهُ: لتنذر قوما لم [يشاهدوا] وآباؤهم قبلك نَبيا، فَإِن قيل: إِذا لم يشاهدوا نَبيا وَلم ينذروا، كَيفَ يستجوبوا النَّار بترك الْإِيمَان؟ وَالْجَوَاب: أَنه لَزِمَهُم الْإِيمَان بِاللَّه بإرسال الرُّسُل الَّذين كَانُوا من قبل، وَقد سمعُوا ذَلِك.
وَقَالَ بَعضهم: إِن إِسْمَاعِيل كَانَ نَبيا إِلَى الْعَرَب، وَقد تركُوا دينه، وَيُقَال: إِنَّهُم تركُوا دين إِبْرَاهِيم صلوَات الله عَلَيْهِ.
وَقَوله: ﴿لَعَلَّهُم يَهْتَدُونَ﴾ أَي: يرشدون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿الله الَّذِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا فِي سِتَّة أَيَّام﴾ قد بَينا، وَعَن الْحسن أَنه قَالَ: هُوَ يَوْم من أَيَّام الدُّنْيَا. فَإِن قَالَ قَائِل: حِين خلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض لم يكن نَهَارا وَلَا لَيْلًا، فَكيف يَسْتَقِيم هَذَا الْكَلَام؟ وَالْجَوَاب: أَن مَعْنَاهُ: بِقدر سِتَّة أَيَّام من أَيَّام الدُّنْيَا.
وَقَوله: ﴿ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش﴾ قد بَينا.
وَقَوله: ﴿مَا لكم من دونه ولي وَلَا شَفِيع أَفلا تتذكرون﴾ مَعْنَاهُ: أَفلا تتعظون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يدبر الْأَمر من السَّمَاء إِلَى الأَرْض﴾ أَي: يحكم وَيَقْضِي الْأَمر من السَّمَاء إِلَى الأَرْض.