﴿فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره ألف سنة مِمَّا تَعدونَ (٥) ذَلِك عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة الْعَزِيز﴾
وَقَوله: ﴿ثمَّ يعرج إِلَيْهِ﴾ ثمَّ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: ثمَّ يعرج الْملك إِلَيْهِ بعد نُزُوله بِالْأَمر. وَالْقَوْل الثَّانِي: ثمَّ يعرج إِلَيْهِ أَي: يعرج الْأَمر إِلَيْهِ، وَمعنى عروج الْأَمر إِلَيْهِ: صيرورة الْأَمر كُله إِلَيْهِ، وَسُقُوط أَمر الْخلق كلهم.
وَقَوله: ﴿فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره ألف سنة مِمَّا تَعدونَ﴾ هَذِه الْآيَة تعد مشكلة، وَوجه الْإِشْكَال: أَن الله تَعَالَى قَالَ فِي آيَة أُخْرَى: ﴿فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خمسين ألف سنة﴾ قَالَ مُجَاهِد: ﴿فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره ألف سنة﴾ مَعْنَاهُ: أَن من السَّمَاء إِلَى الأَرْض إِذا نزل الْملك خَمْسمِائَة سنة، وَإِذا صعد خَمْسمِائَة سنة فَيكون ألف سنة.
وَأما قَوْله: ﴿خمسين ألف سنة﴾ هُوَ من قَرَار الأَرْض إِلَى الْعَرْش. وَقَالَ بَعضهم: خمسين ألف سنة، وَألف سنة كلهَا فِي الْقِيَامَة، فَيكون يَوْم الْقِيَامَة على بَعضهم ألف سنة، وعَلى بَعضهم خمسين ألف سنة، وَالْيَوْم وَاحِد.
وَفِي بعض الْأَخْبَار: " أَن الله تَعَالَى يقصره على الْمُؤمن حَتَّى يكون كَمَا بَين صَلَاتَيْنِ ".
وَقَالَ بَعضهم: يعرج بعض الْأَمْلَاك فِي مِقْدَار ألف سنة، ويعرج بعض الْأَمْلَاك فِي مِقْدَار خمسين ألف سنة، وَالله أعلم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ذَلِك عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة﴾ أَي: مَا غَابَ عَن الْعباد، وَمَا لم يغب


الصفحة التالية
Icon