﴿يهْدُونَ بأمرنا لما صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يوقنون (٢٤) إِن رَبك هُوَ يفصل بَينهم يَوْم الْقِيَامَة فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٢٥) أَو لم يهد لَهُم كم أهلكنا من قبلهم من الْقُرُون﴾ أَحدهَا: مَا روى أَبُو صَالح عَن ابْن عَبَّاس أَن مَعْنَاهُ: فَلَا تكن فِي شكّ من لقائك مُوسَى، وَقد كَانَ لقِيه لَيْلَة الْإِسْرَاء. وَفِي الْخَبَر ان النَّبِي قَالَ: " رَأَيْت مُوسَى آدم طوَالًا جعد الشّعْر كَأَنَّهُ من رجال شنُوءَة، وَرَأَيْت عِيسَى رجلا ربعَة إِلَى الْحمرَة سبط الشّعْر... " وَالْخَبَر طَوِيل. وَالْقَوْل الثَّانِي: فَلَا تكن فِي مرية من لِقَائِه أَي: من لِقَاء مُوسَى الْكتاب، ولقاء مُوسَى الْكتاب: تلقيه بِالْقبُولِ، ذكره الزّجاج وَغَيره، وَالْقَوْل الثَّالِث: فَلَا تكن فِي مرية من لِقَاء مُوسَى ربه، حَكَاهُ النقاش، وَفِي الْآيَة قَول رَابِع: وَهُوَ أَن مَعْنَاهُ على التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير كَأَنَّهُ قَالَ: وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى الْكتاب وجعلناه هدى لبني إِسْرَائِيل.
وَقَوله: ﴿فَلَا تكن فِي مرية من لِقَائِه﴾ رَاجع إِلَى مَا سبق من قَوْله تَعَالَى: ﴿ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى دون الْعَذَاب الْأَكْبَر﴾ وَمَعْنَاهُ: فَلَا تكن فِي مرية من لِقَاء يَوْم الْعَذَاب، وَالله أعلم. ﴿وجعلناه هدى لبني إِسْرَائِيل﴾ يُقَال: إِنَّه رَاجع إِلَى مُوسَى، وَيُقَال: رَاجع إِلَى الْكتاب.
وَقَوله: ﴿وَجَعَلنَا مِنْهُم أَئِمَّة﴾ أَي: قادة إِلَى الْخَيْر، وَقَالَ بَعضهم: هم الْأَنْبِيَاء، وَقَالَ بَعضهم: أَتبَاع الْأَنْبِيَاء.
وَقَوله: ﴿يهْدُونَ بأمرنا لما صَبَرُوا﴾ أَي: يرشدون بوحينا لما صَبَرُوا، وَقُرِئَ " لما صَبَرُوا " أَي: عَن الْمعاصِي، وَقيل: عَن شهوات الدُّنْيَا.
وَقَوله: ﴿وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يوقنون﴾ أَي: يصدقون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن رَبك هُوَ يفصل بَينهم يَوْم الْقِيَامَة﴾ أَي: يحكم بَينهم حكم الْفَصْل.
وَقَوله: ﴿فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى.


الصفحة التالية
Icon