﴿سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الْخَيْر أُولَئِكَ لم يُؤمنُوا فأحبط الله أَعْمَالهم وَكَانَ ذَلِك على الله يَسِيرا (١٩) يحسبون الْأَحْزَاب لم يذهبوا وَإِن يَأْتِ الْأَحْزَاب يودوا لَو أَنهم بادون فِي الْأَعْرَاب يسْأَلُون عَن أنبائكم وَلَو كَانُوا فِيكُم مَا قَاتلُوا إِلَّا قَلِيلا (٢٠)
وَتقول الْعَرَب: خطيب مسلاق وسلاق إِذا كَانَ بليغا فِي الخطابة، وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سلقوكم أَي: عضهوكم وتناولوكم بِالنَّقْصِ والغيبة، قَالَ الْأَعْشَى:
(فيهم الخصب والسماحة والنجدة فيهم والخاطب السلاق﴾

وَقَوله: ﴿أشحة على الْخَيْر﴾ قد بَينا أَنَّهَا عِنْد الْغَنِيمَة.
وَفِي الْخَبَر: " أَن النَّبِي قَالَ للْأَنْصَار: إِنَّكُم لتكثرون عِنْد الْفَزع، وتقلون عِنْد الطمع " أَي: تجمعون عِنْد الْقِتَال، وتتفرقون عِنْد أَخذ المَال، وَأما وصف الْمُنَافِقين على الضِّدّ من هَذَا، فَإِنَّهُم كَانُوا جبناء عِنْد الْقِتَال، بخلاء عِنْد المَال.
وَقَوله: ﴿أُولَئِكَ لم يُؤمنُوا فأحبط الله أَعْمَالهم﴾ أَي: أبطل الله أَعْمَالهم.
وَقَوله: ﴿وَكَانَ ذَلِك على الله يَسِيرا﴾ أَي: سهلا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يحسبون الْأَحْزَاب لم يذهبوا﴾ أَي: من الْجُبْن وَالْخَوْف.
وَقَوله: ﴿وَإِن يَأْتِ الْأَحْزَاب﴾ أَي: يرجِعوا بعد الذّهاب.
وَقَوله: ﴿يودوا لَو أَنهم بادون فِي الْأَعْرَاب﴾ البادون: خلاف الْحَاضِرين، وهم الَّذين يسكنون الْبَادِيَة، وقولة: ﴿فِي الْأَعْرَاب﴾ أَي: مَعَ الْأَعْرَاب.
وَقَوله: ﴿يسْأَلُون عَن أنبأكم﴾ أَي: [عَن] أخباركم، وَمعنى سُؤَالهمْ عَن الْأَخْبَار هُوَ أَن الظفر كَانَ للْمُشْرِكين، أَو لمُحَمد وَأَصْحَابه.
وَقَوله: ﴿وَلَو كَانُوا فِيكُم مَا قَاتلُوا إِلَّا قَلِيلا﴾ أَي: تعذيرا، وَمعنى تعذيرا أَي:


الصفحة التالية
Icon