﴿لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة فِي الْعَذَاب والضلال الْبعيد (٨) أفلم يرَوا إِلَى مَا بَين أَيْديهم وَمَا خَلفهم من السَّمَاء وَالْأَرْض إِن نَشأ نخسف بهم الأَرْض أَو نسقط عَلَيْهِم كسفا من السَّمَاء إِن فِي ذَلِك لآيَة لكل عبد منيب (٩) وَلَقَد آتَيْنَا دَاوُود منا فضلا يَا جبال أوبي﴾
(استحدث الْقلب من أشياعهم خَبرا | أم رَاجع الْقلب من أطرابهم طرب) |
وَقَوله: ﴿بل الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة فِي الْعَذَاب والضلال الْبعيد﴾ فعلى الْقِرَاءَة الأولى وَهُوَ بِالْكَسْرِ هَذَا ابْتِدَاء كَلَام من الله تَعَالَى ردا عَلَيْهِم، وعَلى الْقِرَاءَة الثَّانِيَة هُوَ مسوق على مَا تقدم.
وَقَوله: ﴿فِي الْعَذَاب والضلال الْبعيد﴾ أَي: الشَّقَاء الطَّوِيل؛ ذكره السّديّ، وَقَالَ: فِي الْخَطَأ الْبعيد من الْحق.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أفلم يرَوا إِلَى مَا بَين أَيْديهم وَمَا خَلفهم من السَّمَاء وَالْأَرْض﴾ قَالَ أهل التَّفْسِير: إِنَّمَا ذكر هَذَا؛ لِأَن الْإِنْسَان إِذا خرج من دَاره لَا يرى إِلَّا السَّمَاء وَالْأَرْض وَمَا فيهمَا. وَيُقَال: إِنَّمَا قَالَ هَذَا؛ لِأَن السَّمَاء وَالْأَرْض محيطتان بالخلق، فَكَأَن أَحدهمَا بَين أَيْديهم، وَالْأُخْرَى خَلفهم بِمَعْنى الْإِحَاطَة.
وَقَوله: ﴿إِن نَشأ نخسف بهم الأَرْض﴾ أَي: يغيبهم فِي الأَرْض.
وَقَوله: ﴿أَو نسقط عَلَيْهِم كسفا من السَّمَاء﴾ أَي: جانبا من السَّمَاء. وَقيل: قِطْعَة من السَّمَاء.
وَقَوله: ﴿إِن فِي ذَلِك لآيَة لكل عبد منيب﴾ أَي: رَاجع إِلَى الله تَعَالَى بِقَلْبِه. وَقيل: منيب: أَي: مُجيب.
قَالَ الشَّاعِر:
(أناب إِلَى قولي فَأَصْبَحت مرْصدًا | لَهُ بالمكافأة المنيبة وَالشُّكْر) |