﴿أُولَئِكَ هُوَ يبور (١٠) وَالله خَلقكُم من تُرَاب ثمَّ من نُطْفَة ثمَّ جعلكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تحمل من أُنْثَى وَلَا تضع إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يعمر من معمر وَلَا ينقص من عمره إِلَّا فِي كتاب إِن﴾ وَقد رُوِيَ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه قَالَ: يعرض القَوْل على الْعَمَل، فَإِن وَافقه رفع القَوْل مَعَ الْعَمَل، وَإِن خَالفه كَانَ الْعَمَل أولى بِهِ. وَفِي بعض الْآثَار: أَن العَبْد إِذا قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله بنية صَادِقَة رفع إِلَى الله تَعَالَى وَله دوى كدوى النَّحْل، حَتَّى يلقى بَين يَدَيْهِ فَينْظر الله تَعَالَى [لَهُ] نظرة لَا ييأس بعْدهَا أبدا؛ هَذَا إِذا وَافقه عمله، وَإِن خَالفه وقف قَوْله حَتَّى يَتُوب من عمله. (وَإِن خَالفه وقف).
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالَّذين يمكرون السَّيِّئَات﴾ أَي: يعْملُونَ السَّيِّئَات، وَيُقَال: نزلت فِي مكر الْكفَّار برَسُول الله حَتَّى خرج من مَكَّة مُهَاجرا إِلَى الْمَدِينَة على مَا ذكرنَا.
وَقَوله: ﴿لَهُم عَذَاب شَدِيد ومكر أُولَئِكَ هُوَ يبور﴾ أَي: يهْلك وَيبْطل.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالله خَلقكُم من تُرَاب﴾ التُّرَاب (جسم) مدقق من جنس الطين.
وَقَوله: ﴿ثمَّ من نُطْفَة﴾ ذكر السّديّ أَن النُّطْفَة إِذا وَقعت فِي الرَّحِم طارت فِي كل عظم وَشعر و (عصب) فَإِذا مَضَت أَرْبَعُونَ يَوْمًا نزلت إِلَى الرَّحِم، وَخلق الله مِنْهَا الْعلقَة.
وَقَوله: ﴿ثمَّ جعلكُمْ أَزْوَاجًا﴾ أَي: أصنافا. وَفِي تَفْسِير ابْن فَارس: ﴿جعلكُمْ أَزْوَاجًا﴾ أَي: زوج بَعْضكُم من بعض.
وَقَوله: ﴿وَمَا تحمل من أُنْثَى وَلَا تضع إِلَّا بِعِلْمِهِ﴾ أَي: لَا يغيب عَنهُ شَيْء من ذَلِك.
وَقَوله: ﴿وَمَا يعمر من معمر﴾ يَعْنِي: مَا يطول عمر معمر حَتَّى يُدْرِكهُ الْهَرم. وَقَوله: ﴿وَلَا ينقص من عمره﴾ فَيرجع إِلَى الأول، وَالْجَوَاب: أَنه يجوز أَن يذكر على


الصفحة التالية
Icon