﴿وليمسنكم منا عَذَاب أَلِيم (١٨) قَالُوا طائركم مَعكُمْ أئن ذكرْتُمْ بل أَنْتُم قوم مسرفون (١٩) وَجَاء من أقصا الْمَدِينَة رجل يسْعَى قَالَ يَا قوم اتبعُوا الْمُرْسلين (٢٠) اتبعُوا من﴾ حبس عَنْهُم الْمَطَر حِين جَاءَهُم هَؤُلَاءِ الرُّسُل.
وَاخْتلف القَوْل فِي أَنهم كَانُوا رسل الله أَو رسل عِيسَى، فأحد الْقَوْلَيْنِ: انهم كَانُوا رسل عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام كَمَا بَينا، وَالْقَوْل الآخر: أَنهم كَانُوا رسل الله.
قَوْله: ﴿لَئِن لم تنتهوا لنرجمنكم﴾ أَي: [لنقتلنكم] بِالْحِجَارَةِ، وَقيل: نشتمنكم، وَالْأول أولى.
وَقَوله: ﴿وليمسنكم منا عَذَاب أَلِيم﴾ أَي: مؤلم، والمؤلم هُوَ الموجع.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالُوا طائركم مَعكُمْ﴾ أَي: شؤمكم مَعكُمْ بكفركم وتكذيبكم الرُّسُل. وَقيل: طائركم مَعكُمْ أَي: أقداركم وَأَعْمَالكُمْ تَابِعَة إيَّاكُمْ، تَقول الْعَرَب: طَار بِمَعْنى صَار قَالَ الشَّاعِر:

(تطير غدائر الْإِشْرَاك شفعا ووترا والزعامة للغلام)
وَقيل: طائركم مَعكُمْ أَي: مَا طَار لكم من عمل خير أَو شَرّ فَهُوَ مَعكُمْ ولازم إيَّاكُمْ. وَقَوله: ﴿أئن ذكرْتُمْ﴾ مَعْنَاهُ: أئن ذكرْتُمْ بِاللَّه تطيرتم، وَقُرِئَ " أَن ذكرْتُمْ " أَي: لِأَن ذكرْتُمْ تطيرتم. وَقَوله: ﴿بل أَنْتُم قوم مسرفون﴾ أَي: مجاوزون الْحَد.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَجَاء من أقْصَى الْمَدِينَة رجل يسْعَى﴾ ذهب أَكثر الْمُفَسّرين أَنه كَانَ رجل يُسمى حبيب النجار، وَقَالَ السّديّ: كَانَ قصارا. وَعَن بَعضهم: أَنه كَانَ إسكافا قَالَ قَتَادَة: كَانَ رجلا يعبد الله فِي غَار؛ فَسمع بِخَبَر الرُّسُل فَجَاءَهُمْ، وَقَالَ: أتطلبون جعلا على رسالتكم؛ قَالُوا: لَا؛ فَأقبل على قومه، وَقَالَ لَهُم مَا قَالَ الله، وَهُوَ قَوْله: ﴿يَا قوم اتبعُوا الْمُرْسلين﴾ وَالْمَدينَة: هِيَ الْقرْيَة الَّتِي ذَكرنَاهَا، وَهِي الأنطاكية.
وَقَوله: ﴿اتبعُوا من لَا يسألكم أجرا وهم مهتدون﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَعَن بَعضهم أَنه قَالَ: مسكن الْأَشْرَاف الْأَطْرَاف، وَاسْتدلَّ بِهَذِهِ الْآيَة، وَهُوَ قَوْله:


الصفحة التالية
Icon