﴿عندنَا لزلفى وَحسن مآب (٢٥) يَا دَاوُد إِنَّا جعلناك خَليفَة فِي الأَرْض فاحكم بَين النَّاس بِالْحَقِّ وَلَا تتبع الْهوى فيضلك عَن سَبِيل الله إِن الَّذين يضلون عَن سَبِيل الله لَهُم عَذَاب شَدِيد بِمَا نسوا يَوْم الْحساب (٢٦) وَمَا خلقنَا﴾ فروى أَنَّهَا قَالَت يَعْنِي الوحوش والطيور: يَا دَاوُد ذهبت خطيئتك بحلاوة صَوْتك.
وَقَوله: ﴿وَإِن لَهُ عندنَا لزلفى﴾ أَي: قربى ﴿وَحسن مآب﴾ أَي: حسن مرجع ومنقلب، وَفِي بعض التفاسير: أَن دَاوُد صلوَات الله عَلَيْهِ يحْشر وخطيئته منقوشة فِي كَفه، فحين يَرَاهَا؛ يَقُول: يَا رب، مَا أرى خطيئتي إِلَّا مهلكي، فَيَقُول الله تَعَالَى لَهُ: إِلَيّ يَا دَاوُد، فَهُوَ معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِن لَهُ عندنَا لزلفى وَحسن مآب﴾ وأنشدوا فِي الرُّكُوع بِمَعْنى السُّجُود على مَا بَينا شعرًا:


قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا دَاوُد إِنَّا جعلناك خَليفَة فِي الأَرْض﴾ أَي: خَليفَة عَمَّن سبق، وَيُقَال: خليفتي؛ وَمن هَذَا يجوز أَن يُسمى الْخُلَفَاء خلفاء الله.
وَقَوله: ﴿فاحكم بَين النَّاس بِالْحَقِّ﴾ أَي: بِالْعَدْلِ، وَقَوله: ﴿وَلَا تتبع الْهوى فيضلك عَن سَبِيل الله﴾ أَي: يصدك ويردك عَن سَبِيل الله.
وَقَوله: ﴿إِن الَّذين يضلون عَن سَبِيل الله لَهُم عَذَاب شَدِيد بِمَا نسوا يَوْم الْحساب﴾ فِيهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير، وَمَعْنَاهُ: لَهُم عَذَاب شَدِيد يَوْم الْحساب بِمَا نسوا أَي: تركُوا أَمر الله وغفلوا عَن الْقِيَامَة.
وَفِي الْقِصَّة: أَن الله تَعَالَى كَانَ قد بعث سلسلة من السَّمَاء، وَكَانَ يخْتَصم إِلَى دَاوُد، والخصمان والسلسلة قُدَّام مَجْلِسه، فَكَانَ يَأْمر كل وَاحِد مِنْهُمَا أَن يَأْخُذ السلسلة، وَكَانَ ينالها المحق وَلَا ينالها الْمُبْطل، فاشتدت هيبته فِي بني إِسْرَائِيل لذَلِك، فاختصم رجلَانِ فِي عقد لُؤْلُؤ أودعهُ أَحدهمَا من صَاحبه وجحده الْمُودع، فَعمد الْمُودع إِلَى عَصا وقورها، وَجعل العقد فِيهَا، فَلَمَّا اخْتَصمَا إِلَى دَاوُد أَمرهمَا بالتحاكم إِلَى السلسلة، فَذهب الْمُدَّعِي إِلَى السلسلة، وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَنِّي أودعت هَذَا


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
(فَخر على وَجهه رَاكِعا وَتَابَ إِلَى الله من كل ذَنْب)