﴿مبلسون (٧٥) وَمَا ظلمناهم وَلَكِن كَانُوا هم الظَّالِمين (٧٦) وَنَادَوْا يَا مَالك ليَقْضِ علينا رَبك قَالَ إِنَّكُم مَاكِثُونَ (٧٧) لقد جئناكم بِالْحَقِّ وَلَكِن أَكْثَرَكُم للحق كَارِهُون (٧٨) أم أبرموا أمرا فَإنَّا مبرمون (٧٩) أم يحسبون أَنا لَا نسْمع سرهم ونجواهم بلَى﴾
وَقَوله: ﴿وَهُوَ فِيهِ مبلسون﴾ أَي: آيسون من الْخُرُوج، والملبس فِي اللُّغَة هُوَ السَّاكِت الَّذِي سكت تحيرا ويأسا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا ظلمناهم وَلَكِن كَانُوا هم الظَّالِمين﴾ مَعْنَاهُ: إِنَّا جازيناهم بعملهم، وَلم نزد عَلَيْهِم شَيْئا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَنَادَوْا يَا مَالك ليَقْضِ علينا رَبك﴾ أَي: ليمتنا رَبك. قَالَ عبد الله ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ: ينادون [مَالِكًا] أَرْبَعِينَ سنة. وَقَالَ ابْن عَبَّاس: يُنَادُونَهُ ألف سنة ثمَّ يُجِيبهُمْ فَيَقُول: إِنَّكُم مَاكِثُونَ، ثمَّ ينادون الله تَعَالَى، وَيَقُولُونَ ﴿رَبنَا غلبت علينا شِقْوَتنَا﴾ فَلَا يُجِيبهُمْ عمر الدُّنْيَا، ثمَّ يَقُول: ﴿اخسأوا فِيهَا وَلَا تكَلمُون﴾. فَلَا يسمع مِنْهُم بعد ذَلِك إِلَّا شبه صَوت الْحمر من الزَّفِير والشهيق.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لقد جئناكم بِالْحَقِّ﴾ أَي: بِالْقُرْآنِ.
وَقَوله: ﴿وَلَكِن أَكْثَرهم للحق كَارِهُون﴾ أَي: كرهتم مَجِيء الْحق ودعوتكم إِلَيْهِ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أم أبرموا أمرا﴾ الإبرام هُوَ إحكام الْأَمر، وَمَعْنَاهُ: أَنهم عزموا وَأَجْمعُوا على التَّكْذِيب، وَنحن أجمعنا على التعذيب، فَهَذَا معنى قَوْله: ﴿فَإنَّا مبرمون﴾ وَيُقَال: أم أبرموا أَي: كَادُوا كيدا، ومكروا مكرا، وَقَوله: ﴿فَإنَّا مبرمون﴾ ) أَي: نقابل كيدهم ومكرهم بالإبطال، ونجازيهم جَزَاء مَكْرهمْ، وَهُوَ فِي معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿ومكروا ومكر الله وَالله خير الماكرين﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أم يحسبون أَنا لَا نسْمع سرهم ونجواهم﴾ روى أَن الْأَخْنَس وَالْأسود بن عبد يَغُوث كَانَا عِنْد الْكَعْبَة، فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: أَتَرَى الله يسمع مَا