﴿أَمْثَالهَا (١٠) ذَلِك بِأَن الله مولى الَّذين آمنُوا وَأَن الْكَافرين لَا مولى لَهُم (١١) إِن الله يدْخل الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَّات تجْرِي من تختها الْأَنْهَار وَالَّذين كفرُوا﴾
وَقَوله: ﴿وَأَن الْكَافرين لَا مولى لَهُم﴾ أَي: لَا يتولاهم الله تَعَالَى، بِمَعْنى: أَنه لَا يهْدِيهم وَلَا ينصرهم. وَفِي بعض الْآثَار: أَن عليا رَضِي الله عَنهُ سَأَلَ ابْن الكوا فَقَالَ: من رب الْعَالمين؟ قَالَ: الله. قَالَ: صدقت قَالَ من مولى النَّاس قَالَ الله قَالَ كذبت، وتلا
قَوْله تَعَالَى: ﴿ذَلِك بِأَن الله مولى الَّذين آمنُوا وَأَن الْكَافرين لَا مولى لَهُم﴾ وَعَن قَتَادَة قَالَ: " نزلت الْآيَة فِي حَرْب أحد، فَإِنَّهُ لما فَشَا الْقَتْل والجراحات فِي أَصْحَاب رَسُول الله، وَفعل بِالنَّبِيِّ مَا فعل، نَادَى الْمُشْركُونَ: يَوْم بِيَوْم بدر وَالْحَرب سِجَال، ثمَّ قَالُوا: لنا الْعُزَّى، وَلَا عزى لكم، فَقَالَ: قُولُوا: الله مَوْلَانَا وَلَا مولى لكم، وَلَا سَوَاء؛ قَتْلَانَا فِي الْجنَّة وَقَتلَاكُمْ فِي النَّار ".
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الله يدْخل الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار وَالَّذين كفرُوا يتمتعون ويأكلون كَمَا تَأْكُل الْأَنْعَام﴾ يَعْنِي: لَا يخَافُونَ عقَابا، وَلَا يرجون ثَوابًا. وَقيل: لَيْسَ لَهُم هم إِلَّا التَّمَتُّع وَالْأكل كالأنعام.
وَقَوله: ﴿وَالنَّار مثوى لَهُم﴾ أَي: منزل لَهُم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وكأين من قَرْيَة﴾ " وكائن من قَرْيَة "، بِالتَّخْفِيفِ.
وَأنْشد الْأَخْفَش قَول لبيد:

(وكائن رَأينَا من مُلُوك وسوقة ومفتاح قيد للأسير المكبل)
وَمَعْنَاهُ: وَكم من أهل قَرْيَة هم أَشد قُوَّة من أهل قريتك الَّتِي أخرجتك أَي: أخرجك أَهلهَا.


الصفحة التالية
Icon