﴿عَلَيْك ويهديك صراطا مُسْتَقِيمًا (٢) وينصرك الله نصرا عَزِيزًا (٣) هُوَ الَّذِي أنزل﴾
فَإِن قَالَ قَائِل: وَأي ذَنْب كَانَ لَهُ؟ قُلْنَا: الصَّغَائِر، وَقد كَانَ مَعْصُوما من الْكَبَائِر.
وَفِي تَفْسِير النقاش: أَنه كَانَ متعبدا قبل النُّبُوَّة بشريعة إِبْرَاهِيم فِي النِّكَاح وَالطَّلَاق والعبادات والمعاملات وَغير ذَلِك، وَكَانَ قد تزوج خَدِيجَة وَهِي مُشركَة، وَكَذَلِكَ زوج ابْنَته رقية من عتبَة بن أبي لَهب وَهُوَ مُشْرك، و [كَذَلِك] زوج ابْنَته زَيْنَب من [أبي] الْعَاصِ بن الرّبيع وَكَانَ مُشْركًا فَهَذِهِ ذنُوبه قبل النُّبُوَّة، وَقد غفرها الله تَعَالَى لَهُ، وَكَانَ ذَلِك مِنْهُ لَا على طَرِيق الْقَصْد. وَقد ثَبت عَن النَّبِي " أَنه صلى حَتَّى تورمت قدماه، فَقيل لَهُ: أتفعل هَذَا وَقد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر؟ فَقَالَ: أَفلا أكون عبدا شكُورًا.
وَذكر الدمياطي فِي تَفْسِيره عَن ابْن عَبَّاس: أَن سبّ نزُول الْآيَة هُوَ أَن الله تَعَالَى لما أنزل قَوْله: ﴿وَمَا أَدْرِي مَا يفعل بِي وَلَا بكم﴾ شمت بِهِ الْمُشْركُونَ وَالْيَهُود، وَقَالُوا: هَذَا رجل لَا يدْرِي مَا يفعل بِهِ وَلَا بِأَصْحَابِهِ، فَكيف ندخل فِي دينه؟ وَقَالَ عبد الله بن أبي بن سلول الْأنْصَارِيّ: أتدخلون فِي دين رجل وَهُوَ لَا يدْرِي مَا يفعل بِهِ، فَحزن الْمُسلمُونَ لذَلِك حزنا شَدِيدا، فَأنْزل الله تَعَالَى قَوْله: ﴿إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر﴾ الْآيَة، فَقَالَ الْمُسلمُونَ: هَنِيئًا لَك يَا رَسُول الله، فَكيف أمرنَا؟ فَأنْزل الله تَعَالَى قَوْله: ﴿ليدْخل الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار﴾.
وَقَوله: ﴿وَيتم نعْمَته عَلَيْك﴾ أَي: (يتم) نعْمَته عَلَيْك بالنصر على الْأَعْدَاء