﴿وَكَانَ الله عليما حكيما (٤) ليدْخل الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار خَالِدين فِيهَا وَيكفر عَنْهُم سيئاتهم وَكَانَ ذَلِك عِنْد الله فوزا عَظِيما (٥) ويعذب الْمُنَافِقين والمنافقات وَالْمُشْرِكين والمشركات الظانين بِاللَّه ظن السوء عَلَيْهِم﴾
وَقَوله: ﴿وَللَّه جنود السَّمَوَات وَالْأَرْض﴾ أَي: جموع السَّمَوَات وَالْأَرْض، فَلَو سلط أَصْغَر خلقه على جَمِيع الْعَالم لقهرهم. وَيُقَال: لَهُ جنود السَّمَوَات وَالْأَرْض أَي: مَا خلق الله فِي السَّمَوَات من الْمَلَائِكَة، وَمَا خلق الله فِي الأَرْض من الْجِنّ وَالْإِنْس وَغَيرهم.
وَقَوله: ﴿وَكَانَ الله عليما حكيما﴾ أَي: عليما بخلقه، حكيما فِي تَدْبيره.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ليدْخل الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار خَالِدين فِيهَا وَيكفر عَنْهُم سيئاتهم وَكَانَ ذَلِك عِنْد الله فوزا عَظِيما﴾ أَي: نجاة [عَظِيمَة].
قَوْله تَعَالَى: ﴿ويعذب الْمُنَافِقين والمنافقات وَالْمُشْرِكين والمشركات الظاني بِاللَّه ظن السوء﴾ وَمعنى ظن السوء هَاهُنَا: هُوَ أَنهم كَانُوا قد ظنُّوا على أَن أَمر مُحَمَّد لَا يتم، ويضمحل عَن قريب. وَيُقَال: إِن الرَّسُول لما توجه إِلَى مَكَّة عَام الْحُدَيْبِيَة مَعَ أَصْحَابه معتمرين، وَلم يحمل مَعَه من السِّلَاح إِلَّا السيوف فِي القراب، قَالَ المُنَافِقُونَ وَسَائِر الْكفَّار: إِن مُحَمَّدًا لَا يرجع عَن وَجهه هَذَا أبدا وَأَنه يهْلك هُوَ وَأَصْحَابه، فَهُوَ معنى ظن السوء.
وَقَوله: ﴿دَائِرَة السوء﴾ وَقُرِئَ: " دَائِرَة السوء) بِرَفْع السِّين، ومعناهما مُتَقَارب أَي: عَلَيْهِم عَاقِبَة الْهَلَاك وَقيل مَعْنَاهُ: لَهُم سوء الْعَاقِبَة لَا للرسول.
وَقَوله: ﴿وَغَضب الله عَلَيْهِم ولعنهم وَأعد لَهُم جَهَنَّم وَسَاءَتْ مصيرا﴾ أَي: بئس المنقلب