﴿فِي الْعَذَاب الشَّديد (٢٦) قَالَ قرينه رَبنَا مَا أطغيته وَلَكِن كَانَ فِي ضلال بعيد (٢٧) قَالَ لَا تختصموا لدي وَقد قدمت إِلَيْكُم بالوعيد (٨) مَا يُبدل الْقوي لدي وَمَا أَنا﴾ مَانع الْحُقُوق وَالصَّدقَات والزكوات.
وَقَوله: ﴿الَّذِي جعل مَعَ الله إِلَهًا آخر فألقياه فِي الْعَذَاب الشَّديد﴾ أَي: عَذَاب النَّار. وَذكر لنحاس فِي تَفْسِيره قولا: أَن ﴿قرينه﴾ فِي الْآيَة الْمُتَقَدّمَة هُوَ الشَّيْطَان. وَقَوله: ﴿هَذَا مَا لدي عتيد﴾ أَي: هَذَا عمله وَهُوَ حَاضر، وَالَّذِي قُلْنَا: أَن المُرَاد بِهِ الْملك فَهُوَ ألْقى وأليق بقوله: ﴿هَذَا مَا لدي عتيد﴾ يَعْنِي: يَقُول الْملك: هَذَا الَّذِي كتبته عَلَيْهِ، وَقد أحضرته. وَقَالَ النّحاس فِي قَوْله: ﴿ألقيا فِي جَهَنَّم﴾ الأولى خطاب للملكين اللَّذين أَحدهمَا يَسُوقهُ وَالْآخر يشْهد عَلَيْهِ، وهما اللَّذَان كتبا الْعمَّال.
وَقَوله: ﴿مُعْتَد مريب﴾ أَي: مُعْتَد فِي سيرته ونطقه وخلقه.
يُقَال: أرابني كَذَا فَأَنا مريب أَي: شَاك
قَالَ الشَّاعِر:
(بثينة قَالَت يَا جميل أربتنى... فَقلت كِلَانَا يَا بثين مريب) وَيُقَال فِي قَوْله: ﴿مناع للخير﴾ أَي: الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة. وَقَالَ الضَّحَّاك: الْآيَة وَردت فِي الْوَلِيد بن الْمُغيرَة المَخْزُومِي.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ قرينه رَبنَا مَا أطغيته﴾ القرين: هَاهُنَا هُوَ الشَّيْطَان بِاتِّفَاق الْمُفَسّرين. وَقَوله: ﴿رَبنَا مَا أطغيته﴾ أَي: مَا أضللته.
وَقَوله: ﴿وَلَكِن كَانَ فِي ضلال بعيد﴾ أَي: وجدته وَقد اخْتَار الضَّلَالَة لنَفسِهِ، وَهُوَ معنى قَوْله تَعَالَى حِكَايَة عَن إِبْلِيس: ﴿وَمَا كَانَ لي عَلَيْكُم من سُلْطَان إِلَّا أَن دعوتكم فاستجبتم لي﴾ الْآيَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ لَا تختصموا لدي﴾ أَي: عِنْدِي.