﴿يسْأَلُون أَيَّانَ يَوْم الدّين (١٢) يَوْم هم على النَّار يفتنون (١٣) ذوقوا فتنتكم هَذَا الَّذِي كُنْتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُون (١٤) إِن الْمُتَّقِينَ فِي جنَّات وعيون (١٥) آخذين مَا آتَاهُم رَبهم إِنَّهُم كَانُوا من قبل ذَلِك محسنين (١٦) كَانُوا قَلِيلا من اللَّيْل مَا يهجعون (١٧) ﴾
وَقَوله: ﴿يسْأَلُون أَيَّانَ يَوْم الدّين﴾ أَي: مَتى يَوْم الْجَزَاء، وَكَانُوا يسْأَلُون عَن ذَلِك تعنتا وتكذيبا.
وَقَوله: ﴿يَوْم هم على النَّار يفتنون﴾ أَي: يُعَذبُونَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: يحرقون، وَذكره القتيبي وَغَيره. وَيُقَال: يفتنون أَي: يدْخلُونَ النَّار، وَمِنْه فتنت الذَّهَب، وَقد بَينا من قبل.
وَقَوله: ﴿ذوقوا فتنتكم﴾ أَي: عذابكم.
وَقَوله: ﴿هَذَا الَّذِي كُنْتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُون﴾ وَمعنى استعجالهم: أَنهم كَانُوا يَقُولُونَ مَتى يَوْم الدّين، مَتى يَوْم الْحساب، مَتى يَوْم الْقِيَامَة، وَالْمرَاد من الْآيَة أَنه يُقَال لَهُم ذَلِك.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الْمُتَّقِينَ فِي جنَّات وعيون﴾ أَي: بساتين وأنهار.
وَقَوله: ﴿آخذين مَا آتَاهُم رَبهم﴾ أَي: آخذين مَا أَعْطَاهُم رَبهم، وَمعنى الْأَخْذ هُوَ دُخُولهمْ الْجنَّة ووصولهم إِلَى مَا وعدوا من الثَّوَاب.
وَقَوله: ﴿إِنَّهُم كَانُوا قبل ذَلِك محسنين﴾ أَي: من قبل أَن ينالوا مَا نالوا محسنين فِي الدُّنْيَا. وَمعنى الْإِحْسَان هَاهُنَا هُوَ طَاعَة الله تَعَالَى، ثمَّ فسر فَقَالَ: ﴿كَانُوا قَلِيلا من اللَّيْل مَا يهجعون﴾ قل إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ: كَانُوا يقومُونَ أَكثر اللَّيْل. وَعَن الضَّحَّاك أَن قَوْله: ﴿قَلِيلا﴾ يَقع على النَّاس، وَمَعْنَاهُ: أَن قَلِيلا من النَّاس كَانُوا لَا يهجعون. وَعَن سعيد بن جُبَير أَن مَعْنَاهُ: قَلما مرت عَلَيْهِم لَيْلَة لم يصلوا فِيهَا. وَقَالَ الْحُسَيْن الْبَصْرِيّ: مدوا الصَّلَاة إِلَى السحر، ثمَّ اسْتَغْفرُوا الله. وَعَن أنس بن مَالك مَعْنَاهُ: كَانُوا يصلونَ بَين الْعشَاء وَالْعَتَمَة، وَهَذَا أثر مُسْند. وَيُقَال: إِنَّه فِي أهل قبَاء كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِك. وَعَن بَعضهم أَن مَعْنَاهُ: كَانُوا لَا ينامون حَتَّى يصلوا الْعشَاء الْآخِرَة.