﴿فقربه إِلَيْهِم قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ (٢٧) فأوجس مِنْهُم خيفة قَالُوا لَا تخف وبشروه بِغُلَام عليم (٢٨) فَأَقْبَلت امْرَأَته فِي صرة فصكت وَجههَا وَقَالَت عَجُوز عقيم (٢٩) قَالُوا﴾ كَانَ هُوَ الْبَقر، وَكَانَ يُسمى أَبَا الضيفان، وَيُقَال: كَانَ يمشي ميلًا وميلين فِي طلب (الضَّيْف)، فَكَانَ لَا يَأْكُل إِلَّا مَعَ الضَّيْف.
وَقَوله: ﴿فرَاغ﴾ أَي: ذهب خُفْيَة.
وَقَوله: ﴿فقربه إِلَيْهِم قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ﴾ فِي الْآيَة حذف، وَتَقْدِيره: فقربه إِلَيْهِم فَلم يَأْكُلُوا قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ. وَفِي الْقِصَّة: أَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ إِذا قعد مَعَ الضَّيْف نكس رَأسه، وَجعل يَأْكُل وَلَا ينظر إِلَى الضَّيْف، فَفعل مثل ذَلِك مَعَ الْمَلَائِكَة، وهم أَربع: جِبْرِيل، وَمِيكَائِيل، وروبيل، وَملك آخر، فَقَالَت سارة: ارْفَعْ رَأسك فهم لَا يَأْكُلُون، فَرفع رَأسه وَقَالَ: أَلا تَأْكُلُونَ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فأوجس مِنْهُم خيفة﴾ أَي: دخل فِي نَفسه مِنْهُم خيفة. وَفِي التَّفْسِير: أَن السَّبَب فِي ذَلِك أَن الرجل كَانَ إِذا طرقه ضيف (فَقدم) إِلَيْهِ شَيْئا وَأكله أَمن مِنْهُ، وَإِن لم يَأْكُل خَافَ شَره.
وَقَوله: ﴿قَالُوا لَا تخف﴾ يَعْنِي: نَحن مَلَائِكَة الله فَلَا تخف.
وَقَوله: ﴿وبشروه بِغُلَام عليم﴾ أجمع الْمُفَسِّرُونَ على أَنه إِسْحَاق عَلَيْهِ السَّلَام.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَأَقْبَلت امْرَأَته فِي صرة﴾ أَي: صَيْحَة، كَأَنَّهَا ولولت مثل مَا تفعل النِّسَاء، وَيُقَال: فِي صرة هُوَ حِكَايَة صَوتهَا فِي الضحك، وَقد قَالَ فِي مَوضِع آخر: ﴿فَضَحكت﴾ وَهُوَ مثل: صرير الْبَاب، وخرير المَاء، والقهقهة غير ذَلِك، فالقهقهة أخذت من حِكَايَة صَوت الضاحك.
وَقَوله: ﴿فصكت وَجههَا﴾ أَي: ضربت وَجههَا مثل مَا تفعل النِّسَاء.
وَقَوله: ﴿وَقَالَت عَجُوز عقيم﴾ وَإِنَّمَا فعلت ذَلِك؛ لِأَنَّهَا أنْكرت وِلَادَتهَا غُلَاما وَقد


الصفحة التالية
Icon