﴿فَمن الله علينا ووقانا عَذَاب السمُوم (٢٧) إِنَّا كُنَّا من قبل نَدْعُوهُ إِنَّه هُوَ الْبر الرَّحِيم (٢٨) فَذكر فَمَا أَنْت بنعمت رَبك بكاهن وَلَا مَجْنُون (٢٩) أم يَقُولُونَ شَاعِر نتربص﴾ التَّوْحِيد، وَعَلِيهِ أَكثر الْمُفَسّرين. وَيُقَال: إِنَّه الدُّعَاء الْمَعْرُوف.
قَوْله: ﴿إِنَّه هُوَ الْبر الرَّحِيم﴾ قرئَ بِفَتْح الْألف وَكسرهَا، فَمن قَرَأَ بِالْكَسْرِ فَهُوَ على الِابْتِدَاء والاستئناف، وَمن قَرَأَ بِالْفَتْح فَمَعْنَاه: إِنَّا كُنَّا من قبل نَدْعُوهُ بِأَنَّهُ هُوَ الْبر الرَّحِيم أَي: لِأَنَّهُ. وَالْبر: هُوَ الْبَار اللَّطِيف بعباده، ولطفه بعباده هُوَ إنعامه عَلَيْهِم مَعَ عظم جرمهم وذنبهم. والرحيم: هُوَ العطوف على مَا ذكرنَا. وَعَن بَعضهم: أَن الْبر الَّذِي يصدق وعده لأوليائه.
وَعَن ابْن عياس فِي عَذَاب السمُوم قَالَ: السمُوم هُوَ الطَّبَق السَّابِع من النَّار، وَهُوَ الطَّبَق الْأَعْلَى. والسموم يكون بِالْحرِّ وَيكون بالبرد.
قَالَ الشَّاعِر:

(الْيَوْم يَوْم بَارِد سمومه من يجزع الْيَوْم فَلَا ألومه)
وَيُقَال " السمُوم وهج النَّار.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَذكر فَمَا أَنْت بِنِعْمَة رَبك بكاهن وَلَا مَجْنُون﴾ قَوْله: ﴿فَذكر﴾ أَي: فعظ، وَيُقَال: ذكر عِقَاب الْكَافرين، ونعيم الْمُؤمنِينَ.
وَقَوله: ﴿بكاهن وَلَا مَجْنُون﴾ الكاهن هُوَ الَّذِي يخبر عَن الْغَيْب كذبا. يُقَال: تكهن كهَانَة إِذا فعل ذَلِك. وَالْمَجْنُون: هُوَ الَّذِي زَالَ عقله وَاخْتَلَطَ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أم يَقُولُونَ شَاعِر﴾ يُقَال: إِن " أم " هَاهُنَا بِمَعْنى الِاسْتِفْهَام يَعْنِي: أتقولون شَاعِر. وَيُقَال: الْمَعْنى: بل. قَالَ النّحاس: " أَو " فِي اللُّغَة لِلْخُرُوجِ من حَدِيث إِلَى حَدِيث.
وَقَوله: ﴿شَاعِر نتربص بِهِ ريب الْمنون﴾ مَعْنَاهُ: حوادث الدَّهْر.
وَقَالَ الْخَلِيل: الْمنون هُوَ الْمَوْت، ذكره ابْن السّكيت أَيْضا. وَقيل: هُوَ صرف الدَّهْر،


الصفحة التالية
Icon