﴿فتول عَنْهُم يَوْم يدع الداع إِلَى شَيْء نكر (٦) خشعا أَبْصَارهم يخرجُون من﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿فتول عَنْهُم﴾ مِنْهُم من قَالَ: قَوْله: ﴿فتول عَنْهُم﴾ عَلَيْهِ الْوَقْف، وَبِه تمّ الْكَلَام ثمَّ ابْتَدَأَ، وَقَالَ: ﴿يَوْم يدع الداع﴾، وَمِنْهُم من قَالَ: مَعْنَاهُ: فتول عَنْهُم يَوْم يَدْعُو الدَّاعِي. وَأما معنى دُعَاء الدَّاعِي. فِي التَّفْسِير أَنه قيام إسْرَافيل عَلَيْهِ السَّلَام على صَخْرَة بَيت الْمُقَدّس، ونفخه فِي الصُّور. وَيُقَال: هُوَ دُعَاء النَّاس إِلَى الْحساب.
وَقَوله: ﴿إِلَى شَيْء نكر﴾ أَي: فظيع شَدِيد هائل. وكل مَا يهول الْإِنْسَان فَهُوَ مُنكر عِنْده. وَيُقَال: نكر أَي: لَا يُطَاق حمله. وَعَن مُجَاهِد أَنه قَرَأَ: ﴿يَوْم يدع الداع إِلَى شَيْء نكر﴾ بخفض الْكَاف وَفتح الرَّاء، أَي: جحد وَكفر بِهِ، وَهَذِه قِرَاءَة شَاذَّة. وَعَن ابْن عمر أَنه قَرَأَ: ﴿إِلَى شَيْء نكر﴾ بتسكين الْكَاف وأنشدوا فِي هَذَا شعرًا
(أَبى الله إِلَّا عدله ووفاءه | فَلَا النكر مَعْرُوف وَلَا الْعرف ضائع) |
(فِي شباب حسن أوجههم | من إياد بن نزار بن معد) |
وَقَوله تَعَالَى: ﴿كَأَنَّهُمْ جَراد منتشر﴾ أَي: دَاخل بَعضهم فِي بعض كالجراد، وَقَالَ تَعَالَى فِي مَوضِع آخر: ﴿كالفراش المبثوث﴾ هُوَ الْمُنْتَشِر والمختلط أَيْضا، لَا يقصدون جِهَة وَاحِدَة، بل ينتشر فِي جِهَات مُخْتَلفَة بِخِلَاف الْجَرَاد، فَإِن الْكل يتبعُون جملَة وَاحِدَة.
الصفحة التالية