﴿تعقلون (١٧) إِن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا يُضَاعف لَهُم وَلَهُم أجر كَبِير (١٨) وَالَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرُسُله أُولَئِكَ هم الصديقون وَالشُّهَدَاء عِنْد رَبهم﴾ لَا تسألوا أهل الْكتاب عَن شَيْء، فقد طَال عَلَيْهِم الأمد فقست قُلُوبهم، وَلَكِن مَا أَمركُم بِهِ الْقُرْآن فأتمروا بِهِ، وَمَا نهاكم عَنهُ فَانْتَهوا.
وَقَوله: ﴿فقست قُلُوبهم﴾ أَي: يَبِسَتْ.
وَقَوله: ﴿وَكثير مِنْهُم فَاسِقُونَ﴾ أَي: خارجون عَن طَاعَة الله. وَيُقَال: هُوَ فِي ابتداعهم الرهبانية.
قَوْله تَعَالَى: ﴿اعلموا أَن الله يحيي الأَرْض بعد مَوتهَا﴾ فِي الْخَبَر عَن [أبي] رزين الْعقيلِيّ أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله، كَيفَ يحيي الله الْمَوْتَى؟ فَقَالَ: " أَرَأَيْت أَرضًا مخلاء ثمَّ أرأيتها خضراء، قَالَ: نعم. قَالَ: هُوَ كَذَلِك ". وَعَن صَالح الْمُزنِيّ قَالَ: يحيي الْقُلُوب بتليينها بعد قساوتها. فَهُوَ المُرَاد بِالْآيَةِ.
وَقَوله: ﴿قد بَينا لكم الْآيَات لَعَلَّكُمْ تعقلون﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن المصدقين والمصدقات﴾ قرئَ: بتَشْديد الصَّاد وتخفيفها، فعلى تَخْفيف الصَّاد يَعْنِي: الْمُؤمنِينَ، وعَلى تَشْدِيد الصَّاد يَعْنِي: المتصدقين.
وَقَوله: ﴿وأقرضوا الله قرضا حسنا﴾ قيل: لَا تكون الصَّدَقَة قرضا حسنا حَتَّى تَجْتَمِع فِيهَا خِصَال: أَولهَا: أَن تكون من حَلَال، وَأَن يُعْطِيهَا طيبَة بهَا نَفسه، وَأَن لَا يتبعهَا منا وَلَا أَذَى، وَأَن يتَيَمَّم الْجيد من مَاله لَا الْخَبيث والرديء، وَأَن يُعْطِيهَا ابْتِغَاء وَجه الله لَا مراءاة لِلْخلقِ، وَأَن يخرج الأحب من مَاله إِلَى الله تَعَالَى، وَأَن يتَصَدَّق وَهُوَ صَحِيح يأمل الْعَيْش ويخشى الْفقر، وَأَن لَا يستكثر مَا فعله بل يستقله، وَأَن يتَصَدَّق بالكثير.
وَقَوله: ﴿يُضَاعف لَهُم وَلَهُم أجر كريم﴾ أَي: كثير حسن.


الصفحة التالية
Icon