﴿أَرْبَعَة أَيَّام سَوَاء للسائلين (١٠) ثمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِي دُخان فَقَالَ لَهَا وللأرض﴾ الْأَشْجَار الَّتِي تنْبت بِغَيْر غرس، والحبوب الَّتِي تنْبت بِغَيْر بذر، وكل مَا لم يعمله بَنو آدم. وَفِي بعض الْآثَار: أَن الله تَعَالَى جمع فِي (الْخبز) بَرَكَات السَّمَاء وَالْأَرْض.
وَقَوله: ﴿وَقدر فِيهَا أقواتها﴾ فِي التَّفْسِير أَن مَعْنَاهُ: الْحِنْطَة لقوم، وَالشعِير لقوم، والذرة لقوم، وَالتَّمْر لقوم، والسمك لقوم، وَاللَّحم لقوم. وَيُقَال: الْمصْرِيّ لمصر، والسابري لسابر، والعربي للْعَرَب، وكل طَعَام فِي مَوْضِعه.
وَقَوله: ﴿فِي أَرْبَعَة أَيَّام﴾ أَي: (فِي تَمام أَرْبَعَة أَيَّام). فَإِن قَالَ قَائِل: قد قَالَ هَاهُنَا خلق الأَرْض فِي يَوْمَيْنِ فَذكر أَنه بَدَأَ بِخلق الأَرْض وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: ﴿وَالْأَرْض بعد ذَلِك دحاها﴾ فَكيف وَجه الْجمع بَين الْآيَتَيْنِ؟ وَالْجَوَاب: أَن معنى قَوْله: ﴿وَالْأَرْض بعد ذَلِك دحاها﴾ أَي: مَعَ ذَلِك، وَهَذَا ضَعِيف فِي اللُّغَة، وَالأَصَح أَن معنى قَوْله: (وَالْأَرْض بعد ذَلِك دحاها) أَي: بسطها، وَكَانَ الله تَعَالَى خلق الأَرْض قبل السَّمَوَات فِي يَوْمَيْنِ، وَخلق الأرزاق والأقوات فِيهَا، وأجرى الْأَنْهَار، وَأظْهر الْأَشْجَار، وَخلق الْبحار فِي يَوْمَيْنِ آخَرين، فَذَلِك تَمام أَرْبَعَة أَيَّام، وَلم يكن بسط الأَرْض وَجعلهَا بِحَيْثُ يسكن فِيهَا، فَلَمَّا خلق السَّمَوَات بسط الأَرْض وَجعلهَا بِحَيْثُ يسكنهَا النَّاس.
وَقَوله: ﴿سَوَاء للسائلين﴾ أَي: عدلا للسائلين، وَمَعْنَاهُ: من سَأَلَك عَن هَذَا فأجبه بِهَذَا، فَإِنَّهُ الْحق وَالْعدْل.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ثمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِي دُخان﴾ أَي: قصد إِلَى خلق السَّمَاء وَهِي دُخان، وَفِي الْقِصَّة ان الله تَعَالَى خلق أول مَا خلق مَاء يضطرب، فأزبد المَاء زبدا، وارتفع من الزّبد دُخان، فخلق الأَرْض من الزّبد، وَخلق السَّمَاء من الدُّخان.
وَقَوله: ﴿فَقَالَ لَهَا وللأرض ائتيا طوع أَو كرها﴾ قَالَ بَعضهم: معنى قَوْله:


الصفحة التالية
Icon