﴿يخرصون (٢٠) أم آتَيْنَاهُم كتابا من قبله فهم بِهِ مستمسكون (٢١) بل قَالُوا إِنَّا وجدنَا آبَاءَنَا على أمة وَإِنَّا على آثَارهم مهتدون (٢٢) وَكَذَلِكَ مَا أرسلنَا من قبلك فِي قَرْيَة من﴾ بِالْقبُولِ، فأرادوا أَن يدفعوا الْقبُول من أنفسهم بِهَذَا القَوْل، كَمَا أَن فِي الْآيَة الآخرى أَرَادوا أَن يدفعوا الْأَمر بِالْإِنْفَاقِ عَن أنفسهم بِمَا قَالُوهُ، وَالْقَوْل على هَذَا الْقَصْد غير صَحِيح.
وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن معنى قَوْله: ﴿مَا لَهُم بذلك من علم﴾ أَي: مَا لَهُم فِي هَذَا القَوْل من عذر.
وَقَوله: ﴿إِن هم غلا يخرصون﴾ أَي: يطْلبُونَ مَا لَا يكون من طلب الْعذر بِهَذَا الْكَلَام، حَكَاهُ النّحاس، وَالْأول ذكره الْفراء والزجاج وَغَيرهمَا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أم أتيناهم كتابا من قبله﴾ أَي: بِمَا زَعَمُوا ان الْمَلَائِكَة خلقُوا إِنَاثًا.
وَقَوله: ﴿فهم بِهِ مستمسكون﴾ أَي: مستمسكون، وَهَذَا على طَرِيق الْإِنْكَار أَيْضا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿بل قَالُوا إِنَّا وجدنَا آبَاءَنَا على أمة﴾ وَقُرِئَ: " إمة " بِكَسْر الْألف فَقَوله: ﴿على أمة﴾ أَي: على مِلَّة وَدين، قَالَ الشَّاعِر:

(حَلَفت فَلم أترك لنَفسك رِيبَة وَهل يأثمن ذُو أمة وَهُوَ طائع)
أَي: ذُو مِلَّة.
وَأما الإمة بِكَسْر الْألف فَهِيَ بِمَعْنى الطَّرِيقَة، قَالَ الشَّاعِر:
(ثمَّ بعد الْفَلاح وَالْملك وإلامة وارتهم هُنَاكَ الْقُبُور)
فَقَوله: والإمة يَعْنِي: الطَّرِيقَة الْحَسَنَة.
وَقَوله: ﴿وَإِنَّا على آثَارهم مهتدون﴾ أَي: متبعون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ مَا أرسلنَا من قبلك فِي قَرْيَة من نَذِير إِلَّا قَالَ مترفوها﴾


الصفحة التالية
Icon