{بل الْإِنْسَان على نَفسه بَصِيرَة (١٤) وَلَو ألْقى معاذيره (١٥) لَا تحرّك بِهِ لسَانك لتعجل بِهِ (١٦). أَي: يلقى جَزَاء جَمِيع أَعماله من طَاعَة ومعصية.
وَعَن زيد بن أسلم: بِمَا قدم من المَال للصدقة، وَأخر من المَال للْوَرَثَة.
وَقَوله: ﴿بل الْإِنْسَان على نَفسه بَصِيرَة﴾ أَي: شَاهد، وَالْمعْنَى: هُوَ لُزُوم الْحجَّة عَلَيْهِ كَمَا يلْزم بِالشَّهَادَةِ، وَمَا من أحد إِلَّا وَله من نَفسه على نَفسه حجَّة.
وَقيل: هُوَ شَهَادَة الْجَوَارِح عَلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة.
قَالَ ابْن عَبَّاس: تشهد عَلَيْهِ يَدَاهُ وَرجلَاهُ وفرجه وَغير ذَلِك.
وَدخلت التَّاء فِي قَوْله ﴿بَصِيرَة﴾ للْمُبَالَغَة مثل قَوْلهم: عَلامَة وَرِوَايَة وَمَا يشبهها.
وَقَوله: ﴿وَلَو ألْقى معاذيره﴾ فِيهِ قَولَانِ معروفان: أَحدهمَا: وَلَو جَاءَ بِكُل عذر، وأدلى بِكُل حجَّة أَي: لَا يقبل مِنْهُ ذَلِك؛ لِأَنَّهُ لَا عذر لَهُ وَلَا حجَّة.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن قَوْله: ﴿وَلَو ألْقى معاذيره﴾ أَي: ستوره، وَاحِدهَا معذار، قَالَ الزّجاج: وَهُوَ السّتْر.
وَقيل: هُوَ لُغَة يَمَانِية.
وَالْمعْنَى: أَنه وَإِن ستر جَمِيع أعمله بالستور، فَإِنَّمَا تظهر يَوْم الْقِيَامَة ويجازى عَلَيْهِ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَا تحرّك بِهِ لسَانك لتعجل بِهِ﴾ روى سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن مُوسَى ابْن أبي عَائِشَة، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس " أَن النَّبِي كَانَ إِذا نزل عَلَيْهِ الْوَحْي يُحَرك بِهِ لِسَانه يُرِيد أَن يحفظه فَأنْزل الله تَعَالَى قَوْله: ﴿لَا تحرّك بِهِ لسَانك لتعجل بِهِ﴾ قَالَ: وحرك سعيد بن جُبَير شَفَتَيْه، وحرك ابْن عَبَّاس شَفَتَيْه ". قَالَ رَضِي الله عَنهُ: أخبرنَا بِهَذَا الحَدِيث أَبُو عَليّ الشَّافِعِي، أخبرنَا أَبُو الْحسن بن (فراس)، أخبرنَا أَبُو جَعْفَر الديبلي، أخبرنَا سعيد بن عبد الرَّحْمَن المَخْزُومِي عَن ابْن عُيَيْنَة.
الحَدِيث.


الصفحة التالية
Icon