﴿لَهُم مغْفرَة وَأجر كَبِير (١٢) وأسروا قَوْلكُم أَو اجهروا بِهِ إِنَّه عليم بِذَات الصُّدُور (١٣) أَلا يعلم من خلق وَهُوَ اللَّطِيف الْخَبِير (١٤) هُوَ الَّذِي جعل لكم الأَرْض ذلولا﴾.
وَقَوله: ﴿لَهُم مغْفرَة وَأجر كَبِير﴾ أَي: عَظِيم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وأسروا قَوْلكُم أَو اجهروا بِهِ﴾ فِي التَّفْسِير: أَن الْكفَّار كَانَ بَعضهم يَقُول لبَعض: أَسرُّوا بقولكم حَتَّى لَا يسمع رب مُحَمَّد فيخبره قَوْلكُم، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة.
وَقَوله: ﴿إِنَّه عليم بِذَات الصُّدُور﴾ أَي: بِمَا فِي الصُّدُور.
قَالَ الْحسن: يعلم من السِّرّ مَا يعلم من الْعَلَانِيَة، وَيعلم من الْعَلَانِيَة مَا يعلم من السِّرّ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَلا يعلم من خلق﴾ اسْتِفْهَام بِمَعْنى الْإِنْكَار والتوبيخ، وَالْمعْنَى: أَلا يعلم من فِي الصُّدُور من خلق الصُّدُور.
وَيُقَال: أَلا يعلم مَا خلق " من " بِمَعْنى " مَا "، وَهُوَ مثل قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالسَّمَاء وَمَا بناها﴾ أَي: وَمن بناها.
وَقَوله: ﴿وَهُوَ اللَّطِيف الْخَبِير﴾ أَي: اللَّطِيف فِي علمه، يعلم مَا يظْهر وَمَا يسر وكل مَا دق، يُقَال لطيف، وَيُقَال: الْخَبِير هُوَ الْعَالم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي جعل لكم الأَرْض ذلولا﴾ أَي: مذللة، وتذليلها: تسهيل السّير فِيهَا والقرار عَلَيْهَا.
وَقَوله: ﴿فامشوا فِي مناكبها﴾ أَي: فِي جوانبها، وَيُقَال: فِي فجاجها، وَيُقَال: فِي طرقها، وَقيل: فِي جبالها.
وَعَن بشير بن كَعْب الْأنْصَارِيّ أَنه كَانَ يقْرَأ هَذِه السُّورَة فَبلغ هَذِه الْآيَة، فَقَالَ لجارية لَهُ: إِن عرفتي معنى قَوْله: ﴿فِي مناكبها﴾ فَأَنت حرَّة، فَقَالَت: فِي جبالها.
فشح الرجل بالجارية وَجعل يسْأَل أَبَا الدَّرْدَاء فَقَالَ: دع مَا يريبك إِلَى مَالا يريبك خلها.
وَحكى قَتَادَة عَن أبي الْجلد قَالَ: الأَرْض كلهَا أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ ألف فَرسَخ، اثْنَا عشر ألفا للسودان، وَثَمَانِية آلَاف للروم، وَثَلَاثَة آلَاف للعجم، وَألف للْعَرَب.


الصفحة التالية
Icon