﴿إِنَّا نَحن نزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن تَنْزِيلا (٢٣) فاصبر لحكم رَبك وَلَا تُطِع مِنْهُم آثِما أَو كفورا (٢٤) وَاذْكُر اسْم رَبك بكرَة وَأَصِيلا (٢٥) وَمن اللَّيْل فاسجد لَهُ وسبحه﴾. إِلَى الرب تَعَالَى هُوَ بِمَعْنى قبُول الْحَسَنَات وَالْعَفو عَن السَّيِّئَات.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّا نَحن نزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن تَنْزِيلا﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿فاصبر لحكم رَبك وَلَا تُطِع مِنْهُم آثِما أَو كفورا﴾ فِي التَّفْسِير: أَن الآثم هُوَ عتبَة بن ربيعَة، والكفور هُوَ الْوَلِيد بن الْمُغيرَة.
وَقيل: إِن الآثم هُوَ أَبُو جهل.
وَفِي بعض التفاسير: أَن الْوَلِيد بن الْمُغيرَة قَالَ للنَّبِي: لَو تركت دين آبَائِك؟ ولعلك إِنَّمَا تركت للفقر، فَارْجِع إِلَى دين آبَائِك وَأُعْطِيك نصف مَالِي.
وَقَالَ أَبُو البخْترِي بن هِشَام: أَنا أزَوجك ابْنَتي، وَهِي أحسن النِّسَاء جمالا، وأفصحهن منطقا، وأعذبهن لِسَانا.
وَقد علمت قُرَيْش ذَلِك.
فَسكت النَّبِي فَقَالَ: أَبُو مَسْعُود الثَّقَفِيّ: إِن كنت تخَاف من الله فَأَنا أجيرك مِنْهُ.
فحين سمع النَّبِي ذَلِك قَامَ وَذهب؛ فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة، وَهُوَ قَوْله ﴿إِنَّا نَحن نزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن تَنْزِيلا﴾ إِلَى آخر الْآيَتَيْنِ.
فَإِن قيل: هلا قَالَ: آثِما وكفورا؟ وأيش معنى " أَو " هَاهُنَا؟ وَالْجَوَاب عَنهُ: أَن لكلمة " أَو " هَاهُنَا زِيَادَة معنى لَا تُوجد فِي الْوَاو، وَهُوَ الْمَنْع من طَاعَة كل وَاحِد مِنْهُمَا على الِانْفِرَاد، فَإِن الرجل إِذا قَالَ لغيره: لَا تُطِع فلَانا وَفُلَانًا، فَإِذا أطَاع أَحدهمَا مَا كَانَ عَاصِيا على الْكَمَال، وَإِذا قَالَ: لَا تُطِع فلَانا وَلَا فلَانا أَو فلَانا فَإِذا أطَاع أَحدهمَا كَانَ عَاصِيا على الْكَمَال.
وَهُوَ مثل قَوْلهم: جَالس الْحسن أَو ابْن سِيرِين مَعْنَاهُ: أَيهمَا جالسته فَأَنت مُصِيب، وَإِذا قَالَ: جَالس الْحسن وَابْن سِيرِين فَلَا تكون مصيبا إِلَّا إِذا جالستهما.
وَكَذَلِكَ يُقَال: اقتد بِمَالك أَو الشَّافِعِي على هَذَا الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَاذْكُر اسْم رَبك بكرَة وَأَصِيلا﴾ أَي: بِالْغُدُوِّ والعشي.
وَفِي بعض الغرائب من الْأَخْبَار أَن النَّبِي كَانَ إِذا صلى الْغَدَاة قَالَ: " الله أكبر ثَلَاثًا، وَإِذا صلى الْعَصْر قَالَ: الله أكبر ثَلَاثًا ".
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن اللَّيْل فاسجد لَهُ﴾ أَي: صل لَهُ.
وَقيل: هُوَ صَلَاة الْمغرب


الصفحة التالية
Icon