﴿فكذب وَعصى (٢١) ثمَّ أدبر يسْعَى (٢٢) فحشر فَنَادَى (٢٣) فَقَالَ أَنا ربكُم الْأَعْلَى (٢٤) فَأَخذه الله نكال الْآخِرَة وَالْأولَى (٢٥) إِن فِي ذَلِك لعبرة لمن يخْشَى (٢٦) أأنتم أَشد خلقا أم السَّمَاء بناها (٢٧) ﴾.
وَقَوله: ﴿فكذب وَعصى ثمَّ أدبر يسْعَى﴾ أَي: أعرض وَجعل يسْعَى فِي إبِْطَال أَمر مُوسَى.
وَقَوله: ﴿فحشر فَنَادَى﴾ الْحَشْر هُوَ الْجمع من كل جِهَة.
وَقَوله: ﴿فَنَادَى﴾ أَي ناداهم، وَقَالَ لَهُم ﴿أَنا ربكُم الْأَعْلَى﴾ أَي: لَا رب فَوقِي.
قَالَ الْحسن: كَانَ فِرْعَوْن علجا من أهل أَصْبَهَان طوله أَرْبَعَة أشبار، وَعَن مُجَاهِد: علج من أهل همذان، وَعَن بَعضهم: أَنه من أهل اصطخر.
وَفِي الْقِصَّة: أَن مُوسَى قَالَ لفرعون: لَك ملك لَا يَزُول، وشباب لَا هرم فِيهِ، وَلَك الْجنَّة فِي الْآخِرَة فَقل: هُوَ رَبِّي وَأَنا عَبده فَقَالَ: حَتَّى استشير هامان، فَلَمَّا اسْتَشَارَ هـ قَالَ: أتصير عبدا بعد أَن كنت معبودا، لَا تقل هَذَا.
فَأبى أَن يَقُول.
ذكره النقاش فِي تَفْسِيره.
وَقَوله: ﴿فَأَخذه الله نكال الْآخِرَة وَالْأولَى﴾ أَي: أَخذه أخذا نكالا لمقالته الْآخِرَة وَالْأولَى، فمقالته الأولى قَوْله: ﴿مَا علمت لكم من إِلَه غَيْرِي﴾، ومقالته الْآخِرَة، قَوْله ﴿أَنا ربكُم الْأَعْلَى﴾ وَيُقَال: نكل بِهِ وعاقبه فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، فَفِي الدُّنْيَا هُوَ الْغَرق، وَفِي الْآخِرَة هُوَ النَّار.
وَقَوله: ﴿إِن فِي ذَلِك لعبرة لمن يخْشَى﴾ أَي: اعْتِبَارا لمن يخَاف الله تَعَالَى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أأنتم أَشد خلقا﴾ اسْتدلَّ عَلَيْهِم بِهَذِهِ الْآيَات فِي قدرته على الْبَعْث، وَالْمعْنَى بِأَن إعادتكم خلقا جَدِيدا أَشد أم خلق السَّمَاء؟ وَهُوَ مثل قَوْله تَعَالَى: ﴿لخلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض أكبر من خلق النَّاس﴾.
وَقَوله: ﴿أم السَّمَاء بناها﴾ مَعْنَاهُ: أم السَّمَاء الَّتِي بناها؟ وَقيل الْمَعْنى: أأنتم أَشد


الصفحة التالية
Icon