﴿بعد ذَلِك زنيم (١٣) أَن كَانَ ذَا مَال وبنين (١٤) إِذا تتلى عَلَيْهِ آيَاتنَا قَالَ أساطير الْأَوَّلين (١٥) سنسمه على الخرطوم (١٦) إِنَّا بلوناهم﴾
وَفِي بعض الغرائب من الْأَخْبَار أَن النَّبِي - عَلَيْهِ السَّلَام - قَالَ: " تبْكي السَّمَاء من عبد أصح الله جِسْمه، وأرحب جَوْفه، وَأَعْطَاهُ مقضما ثمَّ يكون ظلوما، وتبكي السَّمَاء من شيخ زَان، وتكاد الأَرْض لَا تقله ".
وَقَوله: ﴿بعد ذَلِك زنيم﴾ أَي: دعِي.
وَقيل: ملصق بالقوم وَلَيْسَ مِنْهُم.
وَيُقَال: الَّذِي لَهُ زنمة فِي الشَّرّ يعرف بهَا مثل زنمة الشَّاة.
قَالَ حسان فِي الزنيم:


قَوْله تَعَالَى: ﴿أَن كَانَ ذَا مَال وبنين﴾ وَقُرِئَ: " أأن كَانَ ".
فَقَوله: ﴿أَن﴾ أَي: لِأَن كَانَ ذَا مَال وبنين يفعل كَذَا وَيَقُول كَذَا أَي: لأجل أَنه.
وَقَوله: " أأن كَانَ " أَي: وَلَا تطعه، وَإِن كَانَ ذَا مَال وبنين.
وَقَوله: ﴿إِذا تتلى عَلَيْهِ آيَاتنَا قَالَ أساطير الْأَوَّلين﴾ قد بَينا.
والأساطير وَاحِدهَا أسطورة.
وَقَالَ الْكسَائي: ترهات من الْكَلَام لَا نظام لَهَا.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿سنسمه على الخرطوم﴾ قَالَ أَبُو عُبَيْدَة والمبرد وَغَيرهمَا: الخرطوم: الْأنف.
وَمَعْنَاهُ: يَجْعَل على أَنفه سمة يعرف بهَا أَنه من أهل النَّار.
قَالَ جرير:
(زنيم تداعاه الرِّجَال زِيَادَة كَمَا زيد فِي عرض الْأَدِيم الأكاريع)
(لما وضعت على الفرزدق ميسمي وعَلى البعيث جدعت أنف الأخطل)
وَيُقَال: معنى قَوْله: ﴿سنسمه على الخرطوم﴾ أَي: سنسود وَجهه، (وَوصف) الْأنف مَوضِع الْوَجْه لِأَنَّهُ مِنْهُ.
وَقيل: يلصق بِهِ عارا ومسبة وشيئا لَا يُفَارِقهُ أبدا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّا بلوناهم﴾ أَي: أهل مَكَّة، وَذَلِكَ حِين دَعَا رَسُول الله


الصفحة التالية
Icon