﴿فَأَما الْإِنْسَان إِذا مَا ابتلاه ربه فَأكْرمه ونعمه فَيَقُول رَبِّي أكرمن (١٥) وَأما إِذا مَا ابتلاه فَقدر عَلَيْهِ رزقه فَيَقُول رَبِّي أهانن (١٦) كلا بل لَا تكرمون الْيَتِيم (١٧) وَلَا تحاضون على طَعَام الْمِسْكِين (١٨) ﴾ لَا يفوت مِنْهُ أحد، وَعَن الْحسن: أَنه بمرصاد أَعمال الْعباد، وَعَن ابْن عَبَّاس أَن قَوْله: ﴿إِن رَبك لبالمرصاد﴾ أَي: يسمع وَيرى، وَعنهُ أَيْضا: أَن على جَهَنَّم سبع قناطر، فَيسْأَل على القنطرة الأولى عَن الْإِيمَان، وَعَن الثَّانِيَة عَن الصَّلَاة، وعَلى الثَّالِثَة عَن الزَّكَاة، وعَلى الرَّابِعَة عَن صِيَام رَمَضَان، وعَلى الْخَامِسَة عَن الْحَج وَالْعمْرَة، وعَلى السَّادِسَة عَن صلَة الرَّحِم، وعَلى السَّابِعَة عَن الْمَظَالِم.
وَقَوله: ﴿إِن رَبك لبالمرصاد﴾ وَقع الْقسم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَأَما الْإِنْسَان إِذا مَا ابتلاه ربه فَأكْرمه ونعمه فَيَقُول رَبِّي أكرمن﴾ نزلت الْآيَة فِي أُميَّة بن خلف الجُمَحِي، وَيُقَال: هَذَا على الْعُمُوم.
وَقَوله: ﴿فَيَقُول رَبِّي أكرمن﴾ أَي: أَنا كريم عَلَيْهِ حَيْثُ أَعْطَانِي هَذِه النعم.
وَقَوله: ﴿وَأما إِذا مَا ابتلاه فَقدر عَلَيْهِ رزقه﴾ أَي: ضيق عَلَيْهِ.
[وَقَوله] ﴿فَيَقُول رَبِّي أهانن﴾ أَي: فعل مَا فعل بِي لهواني عَلَيْهِ، وَالْمعْنَى: أَنهم زَعَمُوا أَن الله يكرم بالغني، ويهين بالفقر.
وَقَوله: ﴿كلا﴾ رد لما قَالُوا يعْنى: أَن الله لَا يكرم بالغنى، وَلَا يهين بالفقر، وَإِنَّمَا يكرم بِالطَّاعَةِ، ويهين بالمعصية، وَعَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: إِنِّي لأجد فِي بعض الْكتب أَن الله تَعَالَى يَقُول: لَوْلَا أَنه يحزن عَبدِي الْمُؤمن، لكللت رَأس الْكَافِر بالأكاليل، فَلَا يصدع، وَلَا ينبض مِنْهُ عرق يوجع.
وَقَوله: ﴿بل لَا تكرمون الْيَتِيم﴾ ذكر مَا يَفْعَله الْكفَّار، واستحقوا بِهِ الْعَذَاب فِي قَوْله: ﴿لَا تكرمون الْيَتِيم﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: هُوَ أكل مَالهم أَي: الْيَتَامَى.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه ترك الْإِحْسَان إِلَيْهِم.
وَقَوله: ﴿وَلَا تحضون على طَعَام الْمِسْكِين﴾ أَي: لَا يحثون، وَقُرِئَ: " وَلَا تحاضون