﴿وَمَا يُغني عَنهُ مَاله إِذا تردى (١١) إِن علينا للهدى (١٢) وَإِن لنا للآخرة وَالْأولَى (١٣) فأنذرتكم نَارا تلظى (١٤) لَا يصلاها إِلَى الأشقى (١٥) الَّذِي كذب وَتَوَلَّى﴾. بل اعْمَلُوا فَكل ميسر، أما من كَانَ من أهل السَّعَادَة فَإِنَّهُ ييسر لعمل السَّعَادَة، وَأما من كَانَ من أهل الشَّقَاء فَإِنَّهُ ييسر بِعَمَل الشَّقَاء، ثمَّ قَرَأَ: ﴿فَأَما من أعْطى وَاتَّقَى وَصدق بِالْحُسْنَى فسنيسره لليسرى وَأما من بخل وَاسْتغْنى وَكذب بِالْحُسْنَى فسنيسره للعسرى﴾.
قَالَ رَضِي الله عَنهُ: أخبرنَا بذلك أَبُو عَليّ الشَّافِعِي بِمَكَّة، أخبرنَا أَبُو الْحسن بن فراس، أخبرنَا الديبلي أخبرنَا سعيد بن عبد الرَّحْمَن المَخْزُومِي، أخبرنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن مَنْصُور الحَدِيث.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا يُغني عَنهُ مَاله إِذا تردى﴾ مَعْنَاهُ: إِذا هلك، يُقَال: تردى أَي: سقط فِي النَّار، وَهُوَ الْأَصَح؛ لِأَن التردي فِي اللُّغَة هُوَ السُّقُوط، يُقَال: تردى من مَكَان كَذَا أَي: سقط.
وَقَوله: ﴿إِن علينا للهدى﴾ قَالَ الزّجاج: علينا بَيَان الْحَلَال وَالْحرَام، وَالطَّاعَة وَالْمَعْصِيَة.
وَيُقَال: من سلك سَبِيل الْهدى، فعلينا هداه مثل قَوْله ﴿وعَلى الله قصد السَّبِيل﴾ أَي: بَيَان السَّبِيل لمن قصد.
وَقَوله: ﴿وَإِن لنا للآخرة وَالْأولَى﴾ أَي: ملك الْآخِرَة وَالْأولَى، وَقيل: ثَوَاب الْآخِرَة وَالْأولَى.
وَقَوله: ﴿فأنذرتكم نَارا تلظى﴾ أَي: تتلظى، وَمَعْنَاهُ: تتوهج.
وَقَوله: ﴿لَا يصلاها إِلَّا الأشقى الَّذِي كذب وَتَوَلَّى﴾ أَي: كذب بِاللَّه، وَأعْرض عَن طَاعَته.
وَفِي الْآيَة سُؤال للمرجئة والخوارج، فَإِن الله تَعَالَى قَالَ: ﴿لَا يصلاها إِلَّا الأشقى﴾ أَي: لَا يقاسي حرهَا، وَلَا يدخلهَا إِلَّا الأشقى الَّذِي كذب وَتَوَلَّى، فَدلَّ أَن


الصفحة التالية
Icon