{وَأَنا منا الصالحون وَمنا دون ذَلِك كُنَّا طرائق قددا (١١) وَأَنا ظننا أَن لن نعجز الله فِي الأَرْض وَلنْ نعجزه هربا (١٢) وَأَنا لما سمعنَا الْهدى آمنا بِهِ فَمن يُؤمن بربه فَلَا يخَاف بخسا وَلَا رهقا (١٣) وَأَنا منا الْمُسلمُونَ وَمنا القاسطون فَمن أسلم فَأُولَئِك تحروا رشدا (١٤).
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَنا منا الصالحون وَمنا دون ذَلِك﴾ أَي: سوى ذَلِك.
قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: فِي الْجِنّ قدرية ومرئجة وروافض وخوراج، وَغير ذَلِك من الْفرق، وَفِيهِمْ العَاصِي والمطيع والمصلح، وَغير ذَلِك من الْمُؤمن وَالْكَافِر.
وَقَوله: ﴿كُنَّا طرائق قددا﴾ أَي: ذَا أهواء مُخْتَلفَة.
وقددا مَعْنَاهُ: مُتَفَرِّقَة.
قَالَ الشَّاعِر:
(الْقَابِض الباسط الْهَادِي بِطَاعَتِهِ | فِي فتْنَة النَّاس إِذْ أهواؤهم قدد) |
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَنا ظننا أَن لن نعجز الله فِي الأَرْض﴾ معنى الظَّن هَاهُنَا: الْيَقِين أَي: أيقنا أَن لن نعجزه فِي الأَرْض أَي: لن نفوته، وَلَا يعجز عَنَّا بِأَخْذِهِ إيانا.
وَقَوله: ﴿وَلنْ نعجزه هربا﴾ قد بَينا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَنا لما سمعنَا الْهدى آمنا بِهِ﴾ أَي: بِالْهدى، وَالْهدى هُوَ الْقُرْآن لِأَنَّهُ يهدي النَّاس.
وَقَوله: ﴿فَمن يُؤمن بربه فَلَا يخَاف بخسا وَلَا رهقا﴾ أَي: نُقْصَانا من حَسَنَاته وَلَا زِيَادَة فِي سيئاته.
وَقيل: أَي: ظلما.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَنا منا الْمُسلمُونَ وَمنا القاسطون﴾ أَي: الجائرون هم الْكفَّار.
يُقَال: أقسط إِذا عدل، وقسط إِذا جَار.
فَمن أقسط مقسط، وَمن قسط قاسط.
قَالَ الفرزدق:
(قومِي هم قتلوا ابْن هِنْد عنْوَة | عمرا وهم قسطوا على النُّعْمَان) |