لم يكن النبي ﷺ يحتجب عن الناس قط إلا لحاجة لا يسعه إهمالها سواء أكانت لإصلاح شأن أهله أو بيته أو نفسه فيما بينه وبين الله عز وجل، فكان - والحال كذلك – من سوء الأدب أن يقوم أحد من الناس بإزعاجه ﷺ في هذه الأوقات الخاصة اليسيرة، وكان من سوء الأدب التطاول على خلوته ﷺ بأهله لأمر ليس ذي بال، كما حصل من الأقرع بن حابس – من وفد بني تميم – حين نادى النبي ﷺ من وراء حجرات أزواجه ﷺ فقال : إن مدحي زين وإن ذمي شين(١). فأي أمر هذا الذي يزعج النبي ﷺ لأجله، ولذلك جاءت الآيات ناهية عن مثل هذا ومنبهةً إلى السلوك اللائق وهو انتظار النبي ﷺ حتى يخرج للمسلمين حين يكون مستعداً لهم متفرغاً لهم وغير منشغلٍ عنهم بأمور أخرى فإن ذلك أدعى لتحقيق مصالح المسلمين من جهة ومراعاة احترام النبي ﷺ من جهة أخرى، ولذلك قال تعالى :" ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيراً لهم"(٢)

(١) الجامع لأحكام القرآن – القرطبي – ٢٦٢م١٦ بتصرف
(٢) سورة الحجرات – آية ٥


الصفحة التالية
Icon