لا شك أن القيادة الإسلامية هي مركز تلقي الأخبار في المجتمع المسلم كما أمر الله تعالى في قوله تعالى:" وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم"(١)، فلما كان الأمر كذلك وكان يترتب على مثل هذه الأخبار أمورٌ عظام وقرارات مهمة كان الواجب على القيادة المسلمة أن تتبين وتتثبت قبل أن تتصرف بناء على هذه الأخبار لا سيما إذا كان ناقلوها غير عدول، ولا بد من أن ننظر في سبب نزول هذه الآية المتعلقة بالتثبت بالأخبار لندرك خطورة ما قد يترتب على الإخلال بهذا الضابط؛ فقد وردت عدة روايات – مع ملاحظة ضعفها – في أن هذه الآية نزلت بسبب الوليد بن عقبة بن أبي معيط وما افتراه على بني المصطلق من حبسهم الزكاة عن رسول الله ﷺ حتى أرسل النبي ﷺ إليهم بعثه وكادوا يقاتلونهم على منع الزكاة لولا أن الحارث بن ضرار استقبل بعث رسول الله ﷺ وبيَّن لهم الأمر وأنهم استبطأوا جابي الزكاة، فجلا الأمر وتبين على تنوع في سياق بعض الروايات(٢)، والحادثة تبين لنا – بغض النظر عن ضعفها – ما قد يترتب من عدم مراعاة القيادة الإسلامية لضابط التثبت والتبين في الأخبار لا سيما تلك التي تترتب عليها تبعات وقرارات مهمة قد تضر بالمجتمع المسلم، ولا شك أن هذا السلوك مما يجب على الفرد التزامه أيضاً في سياق تعامله مع الغير تجنباً لسوء الظن كما سنبين في موضعه إن شاء الله.
(٢) تفسير القرآن العظيم – ابن كثير – ٤٩٣-٤٩٦/٧، والجامع لأحكام القرآن – القرطبي – ٢٦٤-٢٦٦/١٦ باختصار، والرويات كلها فيها ضعف