إن تعامل المسلمين مع بعضهم البعض أمر لازم في سياق الحياة الاجتماعية اليومية، وهو مظنة كثير من الانحرافات والأخطاء والتعديات التي نراها تكاد تفتك بالمجتمع وتفرط عقد الجماعة وتطعن في مصداقية الأخوة الإيمانية مع الأسف. ولقد اهتمت هذه السورة بتصحيح جملة من المفاهيم والتنفير من مجموعة من السلوكيات الخلقية المنحرفة الشائعة، لترتفع بأفراد المجتمع فوق فوضى انعدام الأخلاق إلى أفق وسمو المجتمع الإنساني المسلم بحق. وإن المتدبر في هذه السورة العظيمة يجد عرضاً موجزاً في آيتين اثنتين لا أبالغ إذا قلت إن فيهما ما يكفي لضبط أي مجتمع بضابطٍ من الأخلاق ينأى به عن أي خلل مؤثر في سير المجتمع وعلاقة أفراده ببعضهم البعض، وما الإعجاز إن لم يكن هذا؟ تأمل هذه الكلمات الموجزة المعجزة :
" يأيها الذين آمنوا لا يسخر قومٌ من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساءٌ من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون. يأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم"(١)